كتب “نداء الوطن”:
هجمة غير مسبوقة على الذهب واليورو هذه الأيام، فاللبناني “شاطر” باستغلال الفرص المؤاتية، ويأتي إقبال السيدات على اقتناء الذهب كنوع من الهروب للأمام في مواجهة الأزمة، مستفيدات من انخفاض أسعار الذهب، وبحسب سوزان “قررت شراء الذهب خشية انفلات الوضع في لبنان، فالعملة والدولار على المحك، فيما الذهب ثابت”.
يبدو أن اللبناني يحذو حذو السوري باكتناز الذهب، فالأخير يشتري الذهب منذ سنوات ويحتفظ به، فيما يحوّل العملة الخضراء إلى سوريا. السوريون بحسب أحد باعة الذهب يشكلون نسبة كبيرة، من دون أن يغفل الإشارة الى شغف السوريات بشراء الذهب عيار 21 واللبنانيات بدأن يفكرن باقتنائه لأنه يحفظ أموالهن، ولا يخفي أن نسبة الإقبال ارتفعت بشكل ملحوظ لا سيما مع انخفاض سعر الذهب وعودة المغتربين.
لا تتردّد سماح بالقول إنها بدأت شراء الذهب خشية حدوث هزات اقتصادية خطيرة، وتؤكد أنها اخذت بنصيحة جدتها “خبي الذهب ليوم الشدّة، وأخشى يوم الشدّة”.
ليست سوق الذهب وحدها نشطة، بل أيضاً سوق اليورو، لأنها تصب في خانة تحقيق الأرباح. ولا عجب إن دخل سعر صرف اليورو الى السوق السوداء أسوة بالدولار، واللافت تحول كثر نحو شرائه وبيعه رغبة منهم في تحقيق أرباح طائلة على حد ما يقول ابراهيم، لافتاً إلى “حجم الطلب على اليورو فهم يشترونه بانتظار إعادة ارتفاع سعره مجدداً، وبفرق العملة تتحقق ثروات”.
كل ذلك يحصل والبلد دخل في كوما سياسية خطيرة، في ظل شلل القطاع العام الذي أضرَّ بشكل مباشر أو غير مباشر بإنجاز المعاملات وتحديداً الأوراق الثبوتية كإخراج القيد وغيره، والحصول على الافادات، ما قد يعطل دخول الطلاب إلى جامعاتهم ومدارسهم او إنجاز معاملات السفر للخارج، لأن لكل شيء صلاحية وتنتهي إلا في لبنان، فصلاحية الأزمات طويلة الأمد.
يحصل ذلك والكل يتفرج على انهيار البلد وانحلاله ويسبح في الأزمة، و”ما في شي ظابط”. قد تكون نتائج الامتحانات الرسمية خلطت أوراق الفرح بالحزن قليلاً، غير انها كشفت حجم الهوة داخل المجتمع، فهي جاءت وسط سيطرة الإضرابات على كل المرافق التربوية والاجتماعية والعامة، وتلويح بتصعيد الإضراب فيما لو لم تتراجع الدولة عن قرارها بصم آذانها عن مطالبهم.
حكماً ستنعكس الأزمة على الطلاب الراغبين في السفر، وهذا ما يؤكده علي الشاب الطامح للسفر لإكمال دراسته في الخارج غير أنه يعجز عن الاستحصال على إخراج قيد من دائرة النفوس لأنها “مسكرة” وحتى جواز السفر لن يحصل عليه لأن موعده حدد في نهاية العام ما يعني بعد انقضاء المهلة المحددة لتقديم الطلبات إلى الجامعة، وهذا بحد ذاته “إعدام لمستقبلنا، والدولة الفاشلة هي التي دمرت مستقبلنا مرتين”.
دائرة النفوس في النبطية مقفلة مثل باقي الدوائر الرسمية، فالموظفون يواصلون إضرابهم المحق، ولكن ماذا عن المواطن الذي يضطر لإخراج قيد او بيان قيد عائلي مطلوب للمستشفى او للجامعة والمدارس؟ يقلق الوضع معظم مخاتير النبطية، ولكن “ما باليد حيلة”، نحترم حقوق الموظفين ولكن للمواطن أيضاً حق، فالإضراب كلّف الجميع خسائر كبيرة، ومع ذلك تمضي الحكومة في تجاهل مطالبهم وكأنها تريد دخول البلد في نفق مظلم خطير، إذ لا ينكر أحد أن إضراب القطاع العام لا يعطل فقط المعاملات الرسمية، بل أيضاً يشل البلديات وحركة الاستيراد والتصدير، والمرافق العامة، اي “أَقعَدَ الدولة على كرسي مدولب”، على حد ما يقول أحد المراقبين لافتاً الى أن الإضراب العام شلَّ المنطقة بكاملها، فالموظفون يستخدمون آخر خرطوشة ضغط على الدولة لتحصيل حقوقهم، والدولة تتذرع بهم لتعطيل البلد، وبينهما اشتعلت حرب التعطيل الخطيرة التي قد تدفع نحو كارثة كبرى لن تحمد عقباها، ولا عجب، يضيف “إن بات الامن الغذائي مهدداً بفعل الإضراب والذي قد يؤدي الى شح المواد الغذائية في الأسواق وهذا ما بدأ يحذر منه كثر”.
وفق مصادر متابعة، فإننا مقبلون على أربعة أشهر خطيرة جداً، وقد نشهد فوضى وربما شحّاً في المواد الغذائية وغيرها، وهو ما يتوجب تداركه قبل فوات الأوان”.
حكماً الإضراب محق، فالليرة لم تعد تطعم خبزاً، غير أن انعكاساته جاءت أخطر من حرب تموز على البلد، ضرب مفاصل الدولة كلها ولعلّ مشهد النفايات والمجارير في الطرقات وإقفال معظم البلديات وتعطل الاشغال وإبقاء المعاملات في الجوارير، وأزمة إخراجات القيد وجوازات السفر من أبرز الأمثلة على حال البلد.
كوكتيل الأزمات الذي أصاب القرى هذه الايام لا يقل خطورة عن حرب الأسلحة، فحرب الأزمات أخطر بكثير، وقد تقلب الناس ضد بعضهم البعض، وتسفك الدماء، وبالتالي إذا لم تتخذ الخطوات العلاجية الطارئة فعلى البلد السلام، ومرحباً بالسياح.