كتبت “نداء الوطن”:
المصائب التي تنزل على اللبنانيين كالصواعق تتوالى فصولاً، لا تقف عند حدود الأزمات المعيشية والاقتصادية الخانقة، ولا عند الغلاء وارتفاع الأسعار والدولار، وقد وصلت منذ أيام الى التسمم الغذائي والتلوّث البحري في ظاهرتين لافتتين في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وانقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه دائم معاً.
«نداء الوطن»، رصدت ظاهرتين لافتتين خلال الأيام القليلة الماضية في صيدا، الأولى: إصابة العشرات من الصيداويين بتسمم غذائي بسيط، حيث عانى بعضهم من الإسهال والتقيؤ والوهن، وبعضهم الآخر من ارتفاع درجة الحرارة، ما استدعى توجههم الى الصيدليات وشراء الأدوية المناسبة وفق نصيحة الصيدلي نفسه، أو دخولهم الى «قسم الطوارئ» في المستشفيات، لتلقّي علاج سريع ومغادرتها دون الحاجة الى استشفاء فيها، مع استكمال باقي العلاج في المنازل توفيراً للمال.
ويؤكد طبيب أحد أقسام الطوارئ لـ»نداء الوطن»، أننا لاحظنا ارتفاعاً في أعداد المصابين بتسمّم غذائي بسيط أو غير خطير، يأتون إلى المستشفى وهم مصابون بالإسهال والتقيؤ وارتفاع درجة الحرارة ووجع في المعدة، فنقوم بإجراء المعاينة الطبية والفحوصات المخبرية اللازمة ومنها ما يتعلق بفحص الدم لمعرفة ما اذا كان التسمم قد قطع شوطاً متقدماً وبات في الدم، ثم نعطي العلاج المناسب وفي كثير من الحالات يغادر المرضى بعد ساعات معدودة ويستكملون علاجهم في المنازل.
ويقول أطباء وخبراء في الأغذية، إن ثمة أسباباً مختلفة لحالات التسمم هذه ومنها سوء حفظ الطعام بطريقة آمنة ودائمة في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، بحيث يفسد بعضه نتيجة الانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي بين الحين والآخر، فتكون الأطعمة مبردة ثم يذوب الثلج عنها، ثم تعود الى التبريد وهكذا دواليك ما يؤدي الى فساد الأطعمة وخاصة اللحوم والدجاج في ثلاجات المنازل وعدد من المحال.
والظاهرة الثانية: ما شهده بحر صيدا من ظاهرة غريبة، حيث تحولت مياهه الى اللون الأخضر، ما أثار بلبلة بين روّاده خشية أن يكون ملوثاً ويشكل خطراً على صحة روّاده وخاصة عند «المسبح الشعبي» الذي يعتبر متنفساً للعائلات الصيداوية الفقيرة وذوي الدخل المحدود الذين لا قدرة لهم على ارتياد المسابح الخاصة في ظل ارتفاع رسومها. هذا الأمر دفع بالرواد الى الابتعاد قدر الإمكان عن بقع المياه «المخضرة» خشية وجود ملوثات أو مواد خطيرة أو بكتيريا قد ألقيت بالبحر وتفاعلت مع مياهه وحوّلتها إلى خضراء ودفعتها التيارات البحرية باتجاه الشاطئ الصيداوي.
وأكد عضو «جمعية أصدقاء زيرة وشاطئ صيدا» الناشط البيئي ربيع العوجي لـ»نداء الوطن»، إن اخضرار مياه شاطئ صيدا سببه «بحيرة القرعون» الاصطناعية في البقاع التي تعاني منذ سنوات تلوثاً بسبب صبّ النفايات الصناعية، مشيراً إلى أنه «جرت محاولات كثيرة لرفع التلوث ومنها من الاتحاد الاوروبي للمعالجة ولكننا لم نصل إلى نتيجة بعد».
وقال إن التلوث لا يقتصر على البحيرة بذاتها، على امتداد مجاري النهر من القرعون الى انان وصولاً الى نهر الأولي والبحر، هناك تعديات كثيرة لجهة رمي النفايات الصناعية وصب مجاري الصرف الصحي وملوثات المعامل وغيرها من مواد سامة… ما يؤدي الى نمو «الطحالب» الضارة الأمر الذي يجعل لون المياه أخضر والسبب تكاثر البكتيريا المضرة بالحياة البحرية والثروة السمكية.
ودعا العوجي مركز البحوث الى تحمل مسؤولياته والقيام فوراً بأخذ عيّنات وإجراء فحوصات من مياه شاطئ البحر لتحديد نسبة الملوثات وإبلاغ الرواد ما اذا كان صالحاً للسباحة ام لا، ناصحاً في الوقت نفسه «هواة السباحة على الشاطئ بممارسة هوايتهم إنما بحذر خشية احتمال تعرضهم او اصابتهم بأمراض جلدية هم بغنى عنها»، داعياً «المسؤولين في وزارة البيئة وكافة الوزارات والإدارات والجهات المعنية الى القيام بدورها لرفع الضرر عن شاطئ صيدا وتنظيف البحيرة».