سجلت في الايام القليلة الماضية سلسلة تطورات سياسية ودبلوماسية وعسكرية تدل على ان ثمة ما تحرّك جديا في مطبخ اعداد التسوية التي ستحكم المنطقة في المرحلة المقبلة، حيث تبدو مكوناتها وضعت على نار حامية..
في هذا السياق، الاتصالات ناشطة لاستئناف المفاوضات النووية. فقد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن معدات مراقبة موضوعة في منشآت نووية إيرانية، بحسب بيان مشترك صدر بعد زيارة الأمين العام للوكالة رافائيل غروسي إلى طهران.والتقى غروسي الذي قدم إلى العاصمة الإيرانية سعياً لخفض التوتر بين الغربيين وإيران، رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي. وأعلن المسؤولان أنه تم «السماح لمفتشي الوكالة بالصيانة الفنية والتقنية لأجهزة المراقبة المحددة، واستبدال بطاقات الذاكرة لهذه الأجهزة التي ستُختم من قبل الجانبين وتحفظ في إيران». لكن إيران لم تسمح للوكالة بالاطلاع على تسجيلات الكاميرات. وهكذا، تمكن غروسي خلال زيارته الثانية إلى إيران هذه السنة، من ضمان الاستمرار بمراقبة البرنامج النووي الإيراني وفق الترتيبات السارية، إذ كانت الوكالة تخشى فقدان البيانات في حال استنفاد سعة تسجيل الكاميرات. كما منح مهلة جديدة للدول الكبرى التي تسعى لإحياء الاتفاق حول الملف النووي الإيراني الذي أبرمته الدول الكبرى الست مع طهران عام 2015.
في الموازاة، وبينما تعقد قريبا جلسة حوار جديدة ايرانية – سعودية بواسطة العراق وبرعاية دولية – اميركية، أبصرت الحكومة اللبنانية النور بعد ١٣ شهرا من التعثر والتخبط. هذه الولادة، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطلعة لـ “المركزية، أتت عقب اتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره الايراني ابراهيم رئيسي، وهو تواصل سبقه ضوء اخضر لا بل استعجال اميركي ذهب الى حد غض النظر عن حكومة يغلب عليها لون حزب الله، توازنات وتوجهات استراتيجية، لأن اولوية واشنطن هي لاستقرار لبنان لا ليشكل “وجعة رأس” جديدة لها…
الى ذلك، غارات الحوثيين على السعودية وعملياتهم العسكرية في الميدان، تتكثف وتسير على قدم وساق.. اما في سوريا، فما جرى في درعا أعطى الكلمة الفصل من جديد لروسيا ومؤقتا لايران..
وقد بدأ دومينو الاحداث هذا يتدحرج اثر سقوط حجر الانسحاب الاميركي من أفغانستان والذي ترك فوضى كبيرة في البلاد واعاد الحكم فيها الى تنظيم طالبان المتشدد وإن وضع بعض المساحيق التجميلية على وجهه.
هذه المعطيات كلها تبدو فيها ايران منتصرة، وفي تسلسل منطقي، يفترض ان تتكلل بالعودة الى فيينا وبإحياء التفاهم النووي وعودة واشنطن اليه بالحد الادنى من الشروط التي كانت وضعتها. فهي على الارجح لديها اولويات اخرى في الصين وشرق آسيا، وتريد ان ترتاح من شؤون وشجون الشرق الاوسط، بحيث ستوكله الى روسيا والى ايران بشرط: عدم التعرض لاسرائيل او للدول الخليجية او للملاحة البحرية.. هذه المعادلة- التي لا تعني توقف العقوبات على حزب الله والاذرع الايرانية- ستستمر حتى عودة الجمهوريين الى البيت الابيض. والى ذلك الحين، اهلا بولاية الفقيه ؟!
المركزية