ضربت الحرب الروسية-الأوكرانية القارة الاوروبية بعنف لم تشهده منذ الحرب العالمية الثانية في وقت ان تداعياتها تضرب الولايات المتحدة في مراحلها الاولى بعمق سيزداد سوءا يومياً.
وفيما تستعد الدول الصغيرة والكبيرة لسيناريوهات الحرب المقبلة ومدى توسعها ووحشيتها، تبقى الشعوب كالعادة تتحمّل تداعيات القرارات الكبيرة المتخذة في الغرف السوداء والتي تتحكم بمسار الامور في حياة الناس وتقلب حياتهم اليومية كل فترة والثانية من دون ان يستدركوا خلفيات الامور بسبب انشغالهم بقيادة حياتهم الشخصية باقل اضرار ممكنة.
الانهيار الاقتصادي والنقدي بدأ منذ 2008 لكنه أكمل طريقه نحو الأسوأ في السنوات الخمسة الماضية وها نحن نشهد أصعب المراحل حالياً.
أفادت صحيفة “إندبندنت” بأن المزيد من البريطانيين من الطبقة الوسطى يقعون “في حالة يأس” ويضطرون إلى اللجوء إلى بنوك الطعام مع تفاقم أزمة تكلفة المعيشة.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين التنفيذيين في المؤسسات الخيرية أنهم يشهدون زيادة “مذهلة” في عدد الأشخاص العاملين الذين لا يستطيعون دفع فواتير الطاقة وثمن البقالة.
وقال مؤسس منظمة “Dad’s House” الخيرية، ويليام ماكجراناهان: “نحصل على طلبات من الوالدين من الطبقة المتوسطة، الأمر الذي لم نشهده من قبل. إنهم خجولون لأنهم لا يريدون طلب المساعدة. إنهم يائسون”. وأضاف: “يضطر الطلاب وخريجو الجامعات الذين تراكمت عليهم الديون منذ جائحة فيروس كورونا بشكل متزايد للتقدم إلى المنظمة. بالنظر إليهم، قد تعتقد أنهم لا يواجهون أي صعوبات، لكن المظاهر قد تكون خادعة”.
كما عبر ماكجراناهان عن اعتقاده بأن عدد أفراد الطبقة الوسطى عند أبواب بنوك الطعام سيزداد فيما يتوقع ارتفاع فواتير الغاز والكهرباء مرة أخرى في أبريل القادم.
من جانبها قالت تينا هاريسون، رئيسة بنك الطعام “Trinity Foodbank”، إن 100 أسرة كانت تحتاج إلى طرود غذائية في بداية الشتاء الماضي، بينما ازداد هذا العدد الآن إلى 150 أسرة. وترى أنه في الأشهر المقبلة سيزداد عدد الذين يلجؤون إليهم للحصول على الدعم الغذائي إلى 200 عائلة في الأسبوع. وأضافت: “لقد شهدنا مؤخرا زيادة في عدد الأشخاص الذين لم يتقدموا إلى بنوك الطعام مطلقا – الأشخاص الذين يعملون بدوام كامل”.
في الوقت نفسه انتقدت المنظمات الخيرية حكومة البلاد التي لم تقدم أي مساعدة إضافية في سداد فواتير الكهرباء – باستثناء الخصم المعلن مسبقا البالغ 200 جنيه إسترليني لكل أسرة من أكتوبر الماضي، والذي سيتعين عليها إعادته في غضون 5 سنوات. كما تم انتقاد قرار وزارة المالية بعدم زيادة المساعدات المالية بما يتماشى مع التضخم.
وقال مايكل بيكيتس، المتحدث باسم بنك الطعام “Trussell Trust”، الذي توقع ارتفاعا في عدد العائلات التي ستنخفض إلى أقل من خط الفقر: “أخشى أنه عندما ترتفع أسعار الطاقة مرة أخرى في أكتوبر القادم، فإن ذلك سيكون بمثابة ضربة كبيرة للطبقة الوسطى”.
وتؤكد بنوك الطعام بالفعل أن بعض البريطانيين لم يعودوا يستخدمون الموقد أو الثلاجة لأنهم غير قادرين على دفع فواتير الكهرباء المتزايدة. وقال ماكجراناهان إن المزيد من العائلات غير قادرة على طهي وجبات ساخنة. وقال: “الآباء والأمهات أنفسهم يتخطون وجبات الطعام لإطعام أطفالهم. أرى الناس ينهارون أمام عيني. إنه مجرد كابوس”.
توازيا، تشتد الازمات الاقتصادية في اسبانيا وفرنسا وإيطاليا حيث تندلع المظاهرات احتجاجا على غلاء الميعشة، في حين ان الصحف الأميركية تنصح الناس بعدم استخدام السيارات لتوفير دفع ثمن المحروقات التي أصبحت اسعارها خيالية وعدم تناول اللحمة واستبدالها بالحبوب، فهل كنا لنتصور أن الانهيار المعيشي سيبقى محصورا بلبنان والشرق الأوسط وأفريقيا؟ أم أنها أصبحت حرب عالمية بكل المقاييس؟