يجب فهم أن لا أحد ولا دول يهمها مصير بلد بسبب شعبه، إنما على خلفية موقعه أو دوره أو الاثنين معاً، وهذا وضع لبنان منذ عقدين حتى يومنا هذا، خصوصا أنه واقع على حدود إسرائيل، ما يجعل الامور معقدة جدا.
عندما تتعاطى القوى العظمى مع بعضها، تكون مصلحتها كمؤسسات وأفراد هي الأولوية وليس شعوبها مثلما توحي للرأي العام، فكيف إذا كانت تتعاطى مع ما تسميه دول “العالم الثاني أو الثالث”؟
لنأخذ مثل لبنان الذي واقع تحت الانهيار على كل المستويات، حيث انه كان بالامكان ان ينهار قبل ذلك بفترة طويلة لكن الدول الخارجية قرّرت تركه على حافة الهاوية لنحو خمسة عشرة سنة عبر امداده بالذخيرة المالية، وعندما حان وقت تركه، انهار بسرعة البرق، والنقطة المشتركة هي تنفيذ الاجندة المرسومة بغض النظر عن الشعب ومعاناته.
تركَ “المجتمع الدولي” المنظومة السياسية-الاقتصادية-الامنية-الدينية-القضائية تنهب لبنان لعشرين سنة من دون ان يرف له جفن، ما يعني انه راضٍ لأن هذه المنظومة آدات له لتحقيق هدف تخريب أجمل بلد في الشرق الاوسط.
وعندما حان وقت انهاء دور البلد نهائياً، تركوه واتهموا السياسيين بتدميره، جزئيا صحيح لكن لا يمكنهم فعل شيء من دون الضوء الاخضر من المجتمع الدولي الذي سينهب البلد أكثر بأدواته مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
في ظل هذه التطورات، نرى ان الدول مثل أميركا، فرنسا وبريطانيا وغيرها تتظاهر على انها تهتم بالبلد فيما هي تريد موارده وابقائه ضعيفا امام اسرائيل وابقاء القوى العسكرية موالية لها.
كل الدول العميقة داخل الدول تريد السيطرة على أوسع جغرافيا قدر الامكان وعلى مراكز صنع القرار في كل الدول في القارات من اجل التحكم أكثر وأكثر بالشعوب وليس لرفاهيتها. مثلا، يعمل الفرنسي والاميركي والايراني والسعودي والسوري، للسبطرة على أكير قدر ممكن من المؤسسات في البلد لتوسيع نطاق ربحه على خصمه ضمن الحرب بينهما، وبالتالي تنهار وتنقسم البلاد أكثر من أي وقت مضى ويزداد فقر الشعب الذي يكون بمعظمه مشاركاً في الفساد وتنهار معنوياته.
لو كانت هذه الدول ومؤسساتها تريد مساعدة لبنان وشعبه لكانت مدّته بالمساعدات المالية وأعادت الوضع الى طبيعته مع محاسبة المسؤولين وحبسهم، لكن هذا لن يحصل لانهم جميعهم في نفس الخانة يعملون نحو الهدف نفسه.
وإذا كان الهدف مساعدة الشعوب، فيتم على الاقل المحافظة على وتيرة حياته مع ازدياد الاسعار، لكن لا يتم تغيير نمط الحياة كليا حيث نعود الى العصر الحجري رسميا وما أدراك انه أجمل من العصر الحديث ومواقع التواصل فيه.
اين مصلحة لبنان عندما يدخل المازوت الايراني توازيا مع تنفيذ اسرائيل عملية سرية فيه يتفاخر فيها رئيس وزرائها؟