عادةً تنتظر الشعوب الانتخابات التي هي رمز لديموقراطيات العالم، من أجل التصويب لأحد المرشحين الذين يمثلونهم. فأساس الديوقراطية هي وجود خيارات للاختيار بينها على اساس برنامج يقنع الناخب للاقتراع من أجل تحسين وضع البلد الاقتصادي والمعيشي ما يؤدي تلقائيا الى تحسين وضعه الحياتي.
في العقود الأخيرة، تغيّرت مفاهيم الديموقراطيات بطريقة فقدت معناها لأن الخيارات اصبحت كلها متشابهة ومُسيّسة حتّى لو لم يتم “تجريب” إحدى الخيارات.
عندما يرى المرء تفكير وطريقة تعامل وأسلوب تطبيق القرارات المتخذة من الخيار الذي لم يتم تجريبه، يمكن اتخاذ قرار بالعدول عن التصويت له لانه يظهر باسلوبه طريقة عمله في المراكز الحساسة.
لنأخذ مثلاً لبنان، حيث في حال أجريت الانتخابات، هناك عدد كبير من المرشحين التابعين أكثريتهم للأحزاب والسلطة والبقية تعتبر معارضة أو تحت مسمى المجتمع المدني.
اصبح الحديث في الانتخابات يدور فقط عن المواجهة السياسية بين الاحزاب التي تخدع الشعوب بشعارات تتعلق بتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين مع ما يرافقه من تحسين وضع البلد وهذا ما يعكس كذبهم ونفاقهم لاستمراره لأكثر من 30 سنة والأسوأ يأتي دائماً.
المواجهة الأميركية-الإيرانية تفسد ما يتطلّع اليه الشعب من حصول تغييرات في وقت هو بنفسه منخرط في هذ المواجهة ولا يكترث إذا أخذ حقوقه أم لا.
الولايات المتحدة تريد كسر إيران في لبنان والعكس صحيح، لذلك تفقد الانتخابات معناها. في حال ربحت أميركا ستسوء الاوضاع وفي حال ربحت إيران ستسوء الاوضاع، أما جزء من الشعب الذي يريد احداث تغيير، فهو أيضا عالق بين احزاب التي تدعي تميثله مثل المجتمع المدني وغيره المنقسمة على نفسها… فالقرار السياسي الكبير الذي يُحدِث تغييرات منشودة موجود في مكان آخر لن يكون بمقدور أي حزب خارج السلطة، المشاركة فيه.
فإذا كان الهدف التاريخي من اي انتخابات إحداث تغييرات في صميم اي نظام، في وقت ان الانتخابات اللبنانية لن تُحوّل في مسار الامور الانحداري و لن نحصل على الكهرباء والمياه وبنية تحتية ومحروقات ومازوت وفرص عمل ومعاشات ووقف الهجرة وخفض الاسعار الخ
ختاماً، يجب على الناس أن تسأل نفسها والتشكيك في الامور: ما جدوى اي انتخابات في حال لن تحدث اصلاحاً صغيراً؟ وهل يجب الانتظار عقد آخر لتعطي الانتخابات نتائج ملموسة؟ وهل التركيز على الانتصار السياسي على طرف سياسي عبر انتزاع الاكثرية منه سيفيد الشعب أم يعطي الانتصار لدول تعمل وفق مصالحها وليس مصلحة أي شعب؟