كريم حسامي
ترشيح فرنسا للوزير السابق سليمان فرنجية هو اكبر دليل على كيفية انقلاب المفاهيم السياسية عند الدول طبقا للمصالح الاقتصادية وتنقلب تالياً على مواقفها التي تبنتها خلال عقود.
ففرنجية مرشح سوريا وايران المحور المناوئ لفرنسا والولايات المتحدة الاميركية، اي الغرب، الذي يعتبر المحور الاخر. المحوران يتصارعان منذ ثلاثين عاما ويتحاربان في مختلف الساحات، الا ان المصالح المتقاطعة بين الاطراف تلتقي احيانا وتُترجم عبر اتخاذ قرارات او الوصول الى تسويات لا تفهمها الشعوب.
احدى الامثلة هي الاتفاق الذي ابرم بين العدوين، الولايات المتحدة وايران عام 2016، ومساعدة اميركا واسرائيل لايران وامدادها بالاسلحة عقب حرب العراق وغيرها من الامثلة.
ترشيح فرنجية
منذ بدأت التقارير تشير الى دعم فرنسا ترشيح فرنجية، كان الرأي العام يستغرب الخبر وصحته كون فرنسا دعمت فريق 14 اذار حتى لو كانت ولا تزال تفتح حوارات مع “حزب الله” لكن خيارات الرئيس ايمانويل ماكرون كانت تختلف عن سياسة بقية الدول الاوروبية.
مع مرور الوقت، توضّحت الصورة اكثر واعطت القيادة الفرنسية تبارير لتخفيف حدّة الاعتراضات على سياستها نحو لبنان منذ هجوم المرفأ، خصوصا ملف رئاسة الجمهورية وتبنيها مرشح “حزب الله” وايران في ظل فرضها عقوبات على الاخيرة.
لكن الاعتراضات زادت بعد استضافة باريس لفرنجية و التمسّك به اكثر واكثر تحت حجّة انه الاوفر حظّا وانتخابه مقابل ترئيس نواف سلام رئاسة الحكومة وبالتالي زيادة حدّة الانقسامات في البلد ما يؤدي الى صعوبة اضافية في التوصل لحل في الملف الرئاسي.
هذا كله له علاقة بمصالح فرنسا الاقتصادية المتعددة في لبنان، من اعادة اعمار المرفأ واخذ حصة الشركة التي ستتولى توزيع البريد مكان “ليبان بوست” وملف الكهرباء، والاهم ملف التنقيب عن النفط التي تتولاه شركة “توتال”.
هنا، يجب ان يكون هناك اتفاق بين فرنسا والحزب من اجل تأمين التنقيب عن النفط في المياه اللبنانية من دون حصول توترات امنية، اضافة الى الاستثمارات الفرنسية داخل ايران، ما يدفع باريس لمسايرة هذا المحور، الا ان ورقة فرنجية تحترق رويدا رويدا.