معالم تحلّل لبنان وتحوّله دولة “فاشلة” “مارقة” بدأت تبرز جليّة. فالى الفوضى التي يتخبّط فيها وعجز سلطاته عن ايجاد حلول حقيقية لاي من ازماته المعيشية والاقتصادية والسياسية والصحية والانسانية، والى مشاهد الذل التي تسجّل امام محطات الوقود والمصارف والافران والمستشفيات والتي لا تخلو من مظاهر عنفيّة، بدأ المجتمع الدولي يرسل الى الشعب وبعض المؤسسات مساعدات عينية ومادية لتساعدهما على الصمود، على غرار “الإعاشات” التي تصل الى الشعب السوداني والصومالي واليمني. نعم، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، سقطنا رسميّا وفعليّا في “بؤرة” الدول الفاشلة التي يمدّها الخارج بمعونات كي لا يموت ناسها.
امس، تتابع المصادر، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان عن “تلقيه مساهمة بقيمة 10.5 مليون دولار كندي (8.7 مليون دولار أميركي) من حكومة كندا لتوسيع نطاق المساعدات الغذائية التي يقدمها إلى اللبنانيين الأشد ضعفا وحاجة من خلال أحد أنظمة الدعم الاجتماعي الوطنية الرئيسية”. وأشار إلى أنه “يهدف إلى توسيع نطاق دعمه ليصل إلى 350 الف شخص شهريا من خلال البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقرا في لبنان (NPTP) التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية”، لافتا إلى أن “الأسر اللبنانية تكافح لتغطية نفقاتها، وسط التراجع الاقتصادي المستمر من جراء انهيار العملة والارتفاع الكبير في معدلات التضخم”.
الى ذلك، وبعد ايام على المؤتمر الدولي الذي خصص لدعم المؤسسة العسكرية عقب رفع قائدها العماد جوزيف عون الصوت طالبا مساعدتها في ظل الازمة القاتلة التي يمر بها لبنان، ان “طائرة إسبانية وصلت امس الى مطار رفيق الحريري الدولي، محملة بحوالى 19 طنا من المواد الغذائية (وجبات جاهزة) مقدمة هبة للجيش اللبناني. وحضر التسليم سفير المملكة الاسبانية في لبنان Jose Maria Ferre والملحق الاسباني العقيد Gonzalo Cordon Hernandez والعميد الركن روجيه حلو ممثلاً قائد الجيش”.
اما معيشيا، فـ”أشفقت” شركة كارباورشيب على لبنان، تضيف المصادر. اذ اعلنت استئناف إمداد لبنان بالطاقة الكهربائية من باخرتيها، فاطمة غول سلطان وأورهان باي، ابتداءً من اليوم (امس). وقد اتخذت الشركة هذا القرار في بادرة حسن نية فيما تتطلع إلى نقاش بنّاء مع الدولة اللبنانية من أجل تحديد حلول للقضايا القائمة خلال الأيام والأسابيع المقبلة. وتابعت في بيان “تدرك شركة كارباورشيب بعمق التحديات الهائلة التي يواجهها لبنان في الوقت الراهن، وقد أثبتت دعمها المتواصل قدر الإمكان. وعلى الرغم من الأحداث المخيبة للآمال التي طرأت خلال الأشهر الأخيرة، تؤكد شركة كارباورشيب من جديد التزامها بإيجاد حل عملي”.
المؤشرات الخطيرة هذه، التي تؤكد ان لبنان وشعبه، باتا ينتظران مَن “يرأف” بهما، تترافق وبحثٍ معمّق في مراكز القرار العالمي لوضعه السياسي، لمحاولة ايجاد حلّ لمأزقه “الحكوميّ” المتمادي فصولا كارثيّةً منذ 8 اشهر. فالخارج بات يعرف ان طبقته الحاكمة تتلهّى بصراعاتها ومناكفاتها وحصصها وهي أعجز من تخطي انانياتها وإرساء تفاهم الحد الادنى سياسيا لوضع حدّ لمعاناة شعبها، وعليه قرّر هو – اي الخارج – لعبَ دورها وطبخَ اتفاقٍ ما، على امل ان ترضى به المنظومة! وفي السياق، وبينما يصلّي البابا لأجله غدا في الفاتيكان، حضر لبنان امس في اجتماع اميركي – فرنسي – سعودي، حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عبر “تويتر”، أنه ناقش الملف اللبناني مع نظيريه الفرنسي جان إيف لودريان والسعودي فيصل بن فرحان، على هامش اجتماع وزراء خارجية “مجموعة العشرين”، في مدينة ماتيرا، جنوب إيطاليا. ووفق تغريدة بلينكن، ناقش الوزراء الثلاثة “الحاجة إلى أن يُظهر القادة السياسيون في لبنان قيادة حقيقية، من خلال تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها، لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد، وتوفير الإغاثة التي يحتاج إليها الشعب اللبناني بشدّة”.
ازاء هذه المعطيات كلّها، اذا كانت لدى اهل المنظومة ذرّة ضمير، فعليهم بالخجل والاستقالة اليوم قبل الغد، بعد ان حوّلوا سويسرا الشرق الى جهنّم حقيقية، تختم المصادر.