كتبت “أخبار اليوم”:
في أوان التقصّي عن احتمالات الفراغ الرئاسي، وعن الإسم القادر على أن يجنّب لبنان هذا الخيار، بدءاً من الخريف القادم، بموازاة البحث عن فرص تشكيل الحكومة الجديدة، نسأل عن شكل التدهوُر الجديد، بنسخته الجديدة، والذي بدأ يطلّ برأسه تدريجياً، مع التحضير لحاجات موسم البَرْد الكثيرة، في ظلّ أسعار غير مستقرّة لدولار السوق السوداء، تتّجه نحو مزيد من الارتفاع.
فليس جديداً إذا قُلنا إن الإعلان عن دولار سوق سوداء بقيمة 34 ألف ليرة، مثلاً، يجعل البضائع في الأسواق مُسعَّرَة على سعر صرف 36 و37، ألف ليرة، وربما أكثر، وأكثر بكثير.
ولكن ما هو الشّكل الجديد، للتدهوُر الجديد، في بلد لا رادع قضائياً، وشعبياً، وسياسياً… فيه؟
أكد مصدر خبير في الشؤون اللبنانية أن “العملة ستكون سبباً لمزيد من الانهيار، في المرحلة القادمة”.
وحذّر في حديث لوكالة “أخبار اليوم” من “فساد التجّار، الذين يتحايلون، ويُمارسون النّصب والاحتيال، للانتفاع الذاتي، كما لتمويل الجماعات السياسية التي يتبعون لها. فعلى سبيل المثال، يجب أن يتراوح سعر صفيحة البنزين، ما بين 10 و12 دولاراً، كحدّ أقصى، أي ما نسبته 408 آلاف ليرة لبنانية، كحدّ أقصى، وذلك إذا احتسبنا سعر صرف دولار السوق السوداء بـ 34 ألف ليرة. ولكن انظروا الى أسعار البنزين، والى أرقامها، التي تخطّت هذا السّعر، منذ مدّة طويلة”.
وشدّد المصدر على أن “الانهيار الأساسي يعتمد على مؤشّر واحد، وهو ارتفاع دولار السوق السوداء، الذي يعني بدوره الاتّجاه نحو المزيد والمزيد من الانهيار، وذلك بعيداً من قاعدة الارتطام في الحائط التي تمكّن من لَمْلَمَة وإصلاح الوضع في ما بَعْد، بل على مستوى الهبوط المستمرّ، الى درجة الاضطّرار لحَمْل الليرات اللبنانية “بالشوالات”، لشراء قطعة صغيرة ربما”.
وأضاف: “هذا هو الخراب الحقيقي، وسط تجميع التجار لثرواتهم، وبحماية تامّة من سياسيّين، وبموازاة تبعيّة شعبيّة لأحزاب، ولتيارات سياسية. فالمُناصرون الحزبيّون يستفيدون، ويحصلون على تمويل من قالب الجبنة المسروق، الذي اسمه لبنان، وبعيداً من قواعد العمل الحزبي القديمة في البلد، والتي كانت تقوم على أساس أنه إذا أكل القائد وشرب، فهذا يعني أن جميع أتباعه استفادوا، حتى ولو لم يحصلوا على شيء”.
ولم يستغرب المصدر عَدَم قدرة الشعب اللبناني على تحقيق أي خرق، في المشهد العام المُتعَب، لافتاً الى أنه “إذا نظرنا الى الفئات اللبنانية غير الحزبية، وغير المحسوبة على أي جهة سياسية في البلد، نجد أنها ستكون غير فعّالة، أو أنها ستتعرّض للضّرب والتنكيل، إذا نزلت الى الشارع للمطالبة بتغيير الأوضاع. ولذلك، هذه الفئة لا تتحرّك”.
وختم:”بدأت ثورة 17 تشرين الأول 2019 في أساسها، وفي لحظتها الأولى، كحركة “شيعيّة” تطالب بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري. وفي اليوم الثاني، والثالث، تبدّل المشهد، فنزل كل الناس الى الطُّرُق، بما جعل الفريق الشيعي يتمسّك بحكومة الحريري، أمام المدّ الشعبي الجارف، والذي كان صادقاً في المطالبة بتغيير لبناني جذري. ولكن طول مدّة الحَراك، من دون تغيير أي شيء، مكّن الأحزاب كلّها من استلام المشهد في الشارع، فأفلتت الأمور من أيدي الجميع، وفَقَدَت المطالبة بالتغيير قيمتها، وصولاً الى حدّ ضرب الناس، وإجبارهم على الخروج من الشارع”.