كتبت “نداء الوطن”:
كأن الناس اليوم في سباقٍ مع كافة متطلباتهم اليومية، يخرجون لحجز أدوارٍ لهم أمام الأفران وينتظرون ساعة التغذية الكهربائية لاتمام الأعمال المنزلية التي تحتاج الى الطاقة وهم لا طاقة لهم بعدُ على مجاراة الصعاب التي يعيشونها، أما المياه فحدث ولا حرج وتأمينها يحتاج راتباً كاملاً.
تزاحم واصطفافٌ بانتظار الدور ليتسنى لكل فرد أن يأخذ ربطتين من الخبز، هذا هو حال أهالي بعلبك والجوار بعد أزمة القمح والطحين واحتكار المادتين من قبل التجار رغم الدعم الذي قدمته الحكومة ويكفي لشهرٍ إضافي، غير أن الطمع الذي بات سمة الكثير من أصحاب المصالح الذين ساروا في ركب السوق السوداء، مستغلين فرصة الإنهيار الذي نعيشه وصولاً الى الإرتطام الكبير لتحقيق أرباحٍ خيالية وتكديس ثروات.
عشرات الأفراد من مختلف الفئات والأعمار يحتشدون أمام أفران بعلبك منذ ساعات الصباح لشراء الخبز بعد أن تقلصت الكميات التي توزع على السوبرماركت والمحال الصغيرة الى حد منعها نهائياً، ما أدى الى ازدحام مفتعل وتحقيق أرباح إضافية وإذلالٍ للناس أكثر وأكثر، ومهما بلغ عدد أفراد العائلة التي يحتاج الكثير منها الى أربع ربطات وأكثر، غير أن التقنين سيد الموقف، حصة كل فرد ربطتين فقط ما دفع بالكثيرين الى الذهاب وأفراد عائلاتهم للحصول على حصة إضافية تكفيهم قوت يومهم. الزحمة داخل الأفران وخارجها ترافقت مع وقوع اشكالات سببها أفضلية الدور والكمية المتاحة، غير أن اشكالاً وقع داخل أحد الأفران في بعلبك بسبب امتناع العامل المسؤول عن اعطاء أحد المواطنين عدداً إضافياً من الربطات، ليتفاجأ عند خروجه بوجود «بسطات» خبز وبيعها بـ»سوق سوداء» أمام الفرن، أبطالها من النازحين السوريين، ما دفعه الى العودة وشتم صاحب الفرن والعمال واتهامهم بالتنسيق مع النازحين وبيعهم الخبز لصالح الفرن، ما اضطر صاحبه الى استرضاء الشاب وتأمين ما يحتاجه. وفي حين إعتاد عدد كبير من أهالي البقاع مواجهة أزمة الخبز بإعداده في المنزل والإستغناء عن الأفران، يواجهون صعوبة في تأمين الطحين بعد فقدانه من السوق، وفي حال وجد يصل سعر الكيس منه (50 كيلوغراماً) الى مليون ومئتي ألف ليرة لبنانية، ما يعادل راتب شهر لموظف لا يكفيه لأكل الخبز وإن استطاع فيكون بـ»طلوع الروح».
أزمة الرغيف التي بدأت منذ أيام، يلاقيها حرمان مدينة بعلبك والجوار وصولاً الى القرى النائية من نعمة الكهرباء منذ أسبوع في استنسابية فاقعة يتعاطى بها عمال التوزيع في المحطة، يغذون أحياء على حساب أخرى ويقومون بواجبهم تجاه رئيسهم في العمل الذي يقطن على طريق نحلة – بعلبك، حيث تدوم التغذية هناك لأكثر من عشر ساعات يومياً، في حين يتمنى العديد من أبناء المدينة أن تصلهم التغذية لساعتين على الأقل ليستطيعوا توفير ما يلزمهم، سيما حفظ الطعام وسحب المياه وتشريج أضواء يستعملونها ليلاً بعد أن قطعوا الإشتراكات لغلاء الفاتورة الفاحش، ووسط هذا الحرمان يواصل المواطنون مناشدتهم للمسؤولين ونواب المنطقة علّ من يسمع. أما المياه التي بات شراؤها يحتاج ميزانية خاصة فهي مقطوعة عن عدد من الأحياء لأكثر من عشرين يوماً بسبب أعطال لم تنجز، ما يدفع المواطنين الى شراء «صهريج» بكلفة ثلاثمئة الف ليرة لبنانية يكاد لا يكفي لأسبوع.
وأمام هذا الواقع المهترئ العاجز عن تأمين أبسط الخدمات، تستعد لجنة مهرجانات بعلبك الدولية لإحياء موسمها الشهر القادم في رسالة تبعث الفرح وتبشر بموسم سياحي واعد علّه ينشل المنطقة من واقعها، ويدفع بالقيمين عليها إلى تأمين حاجات ومقومات صمود أهلها.
شاهد أيضاً
السعودية اعطت الضوء الاخضر لانتخاب فرنجية؟
بعدَ غياب لنحو شهر، وصمت تجاه التسريبات المتناقضة حيال موقف المملكة العربية السعودية من الاستحقاق …