ايلي حنّا
من المعروف أن من المهام الأساسية لليونيفل رصد وقف الأعمال العدائية، الأمر الذي يتعارض كليا مع الواقع اللبناني الذي تحكمه جهة معينة، حيث تعرضت آلية تابعة لـ”اليونيفيل” لاعتداء خطير بعد منتصف ليل الاربعاء على الطريق البحرية بين الزهراني وصور عند محلة العاقبية، وقد كانت في طريقها إلى مطار بيروت الدولي، إلا أنها أسفرت عن مقتل جندي إيرلندي وجرح ثلاثة آخرين.
ماذا عن التحقيقات الأولية؟
أكد مصدر قضائي بأنّ تنسيق وفد المحققين الإيرلنديين بشأن حادثة العاقبية يجب أن يكون مع الجيش اللبناني خصوصا أنّ الطلب الايرلندي أمني. ولفت إلى أنّ “مديرية المخابرات في الجيش، تنتظر تقرير الأدلة الجنائية، كما الاستماع إلى افادات الجرحى من الكتيبة الايرلندية، كاشفة بأنّ اليونيفيل تحيط تحقيقاتها بسرية تامة.
ان التحقيقات الأولية أظهرت أن دورية اليونيفيل كانت مؤلفة من أربع سيارات، وتمت ملاحقتها من سيارة على طول الطريق الدولي، وعند مدخل بلدة العاقبية، انقسمت الدورية قسمين للتخلص من الملاحقة. وتؤكد المعلومات أن السيارتين أصيبتا بـ 27 طلقة، ما يعني أن إطلاق النار كان مباشراً ومركزأ.
ادانات واسعة
قال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن: “نشعر جميعاً بصدمة وحزن بالغين. إن هذا “الحادث” يذكرنا بالتضحيات الاستثنائية التي يقدمها جنودنا في قوات حفظ السلام بشكل مستمر”، فيما دانت وزارة الخارجية اللبنانية الحادث المؤسف الذي تعرضت له اليونيفيل، حيث تقدمت بأحر التعازي من ايرلندا حكومة وشعبا. في السياق، قال وزير الداخلية بسام المولوي إن لبنان “لن يقبل بشرعيتين” أو “نصف دولة”، وسط تنديد دولي بها ومطالبات بإجراء تحقيق فوري، فيما توعد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي بمحاسبة المتورطين”.
دائما الجنوب له حصّة
اذاً، تُذكّرنا هذه الحادثة بأخرى تتعلق بالملازم الأول الطيّار سامر حنا التي تم التعتيم القضائي على قضيته ولم يعرف من الفاعل، ولكن مع فارق أن الحادثة كانت في الجو أثناء قيام طوافة عسكرية بطلعة تدريببة في أجواء منطقة إقليم التفاح وتعرّضت لإطلاق نار من عناصر مسلحة، ما ادى الى إصابة الطوافة واستشهاد الملازم الأول، ما يؤكد ان القوى الحزبية مسيطرة على الجو والبر.
في المقابل، في حال افترضنا أنه حصل توتر بين شبان المنطقة وقوات اليونيفل وتم السير بهذا السيناريو للتعتيم على الحقيقة، فهنا يتم طرح علامات استفهام حول التجهيز الغير المنطقي بالسلاح، واصابة الجندي بأكثر من رصاصة وكأنه كان يُعتبر هدفهم الرئيسي. ما حصل قد يؤشر الى امكانية عدم تلبية مطالب الجهة المسيطرة على المنطقة او بسبب كشفهم بقضية معينة يجب أن لا يُكشَف عنها أو توصيل رسالة بعدم الرضا عن عمل وأداء اليونيفل في المنطقة.
تطرح الحادثة علامات استفهام عن العناصر داخل السيارتين اللتين سلكتا طريقا مختلف عن مكان الجريمة، حيث قد يكون حصل تبديل للعناصر لصالح جهة معينة، والسؤال الأبرز هنا: لماذا حيدتا الى غير طريق طالما أنهما تابعتان لليونيفل؟
الى ذلك، يمكن التذكير بأجواء التوتر التي سادت بين “اليونيفيل” والحزب بعدما حاولت الولايات المتحدة وإسرائيل تعديل مهمة اليونيفيل للسماح لها بالدخول الى القرى من دون التنسيق مع الجيش وحتى دخول المنازل المشتبه بها.
وبالتالي، هذا الامر يبرهن أن الحزب، بعد ترسيم الحدود، قرر أن يصعد بوجه اسرائيل وأميركا من خلال عملية أمنية ضد اليونيفل، ما قد يفتح الباب لأحداث قد تخص الساحة المحلية كموضوع الترسيم وكيفية البدء بعملية استخراج النفط على خلفية اعتبار أن المنطقة غير امنة لتتم العملية، هذا عدا عن الوضع الاقتصادي كوضع الدولار المحلق دائما ووضع صندوق النقد الدولي والاقراض منه، كما الوضع الأمني المتفلت وخاصة في فترة أعياد في منطقة تسيطر عليها جهة معينة جاهزة لأي وقت بالقيام بأعمال ممكن أن تكون اجرامية في بعض الأوقات لحماية أهلها من اجرام العدو.
مقابل ذلك، سنكون في حالة تأهب دائمة لرؤية ما سيسفر عن هذه العملية واذا سيكون هناك رد من جهات معنية على منطقة باتت مهددة دائما ومسرح لاعتداءات دائمة وضحية لقرارات ومصالح متعارضة ممكن أن تصبح في المستقبل متقاربة، بوقت لا يطمئن أبدا خاصة مع الفراغ الرئاسي (حتى لو كان الرئيس شكل بلا مضمون، لا يقرر شيء ولا يواجه لأنه كما صادفت أن البلد محكوم ليس منه)، كما سننتظر المواقف والأفعال الدولية التي ستصب في البلد ان كان لمصلحته أو لمصلحتهم.
فهل سنشهد بعد حادثة العاقبية قراراً قضائياً يضع المتورطين في السجن ولو لمرة واحدة في تاريخ القضاء، خاصة وان القتيل غير لبناني؟ وهل سيكون هناك موقف رسمي من مجلس الأمن يورط لبنان وشعبه أكثر وأكثر بعدوان غير مسؤول عنه؟ وهل ستتمكن اليونيفل من ضبط العمليات العدوانية في المنطقة بوقت يسود فيها التفلت الأمني؟ وكيف سيكون تعامل اليونيفل مع الأهالي و”الحزب”؟