كتبت “الاخبار”:
حرب شائعات تسيطر على ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو، فيما لا تزال بيروت تنتظر عودة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين آخر الشهر واستئناف التواصل معه، بحسب مصدر لبناني رسمي أكّد لـ«الأخبار» أن المعطيات لم تصل بعد الى مستوى الوثيقة التي يبنى على أساسها الموقف. وأوضح أن الأميركيين تحدثوا عن إيجابية. لكن، في المقابل، هناك إشارات سلبية تفيد بأن «العدو قد يعرض على لبنان مقايضة جديدة ستُرفض حكماً». وأعرب عن خشيته من أن تكون التسريبات الإسرائيلية عن اتفاق وشيك مقدّمة لتحميل لبنان فشل المفاوضات في حال قدم عرضاً غير مقبول، وتحميل المقاومة مسؤولية اندلاع الحرب في حال المبادرة إلى توجيه ضربات الى المنشآت الإسرائيلية في البحر.
ويتوقع أن يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مساء اليوم، مواقف تفصيلية حول الملف في خطاب لمناسبة اختتام احتفالات حزب الله بالذكرى الأربعين لانطلاقته وفي الذكرى السنوية لانتصارَي تموز وتحرير الجرود الشرقية من التكفيريين.
وبحسب مصادر معنية، فإن الوسطاء غير المعلنين مستمرون في العمل. لكن كل الكلام الإيجابي من جانب العدو لم يُترجم بعد الى ورقة مكتوبة تثبت الكلام الشفهي عن الاستعداد للقبول بمطالب لبنان. ولفتت إلى أن إسرائيل تفعل تماماً ما تفعله الولايات المتحدة مع إيران، إذ تبدي استعدادها لتوقيع الاتفاق النووي لكنها لا تقوم بأي خطوة عملية موثقة نحو الاتفاق. وأكّدت المصادر أن لبنان لن يناقش الأمر أو يطلق موقفاً قبل تسلّمه ورقة مكتوبة تمثّل الردّ الإسرائيلي الرسمي على ما حمله هوكشتين الى تل أبيب. فيما يتوجه الى الولايات المتحدة غداً مستشار الأمن القومي إيال حولاتا لإجراء محادثات مع مسؤولين كبار حول التهديد الإيراني وملف الترسيم مع لبنان.
ثرثرة إسرائيلية
وبعد صمت مطبق لنحو أسبوعين، ضجّت وسائل إعلام العدو في اليومين الماضيين بتقارير عدة عن ملف الترسيم. وكان البارز ما ذكرته القناة 14 العبرية أمس عن أن إسرائيل «قدّمت قبل أيام مقترحاً إلى الولايات المتحدة أبدت فيه استعدادها لتقديم تنازلات في ما يتعلق بمنطقة الخلاف مع لبنان». ووفقاً للقناة، فإن تل أبيب «أكدت للوسطاء أنها لن تتنازل في مسألة حقل كاريش»، وأنه «بعد جولة المفاوضات بين إسرائيل ولبنان، بشأن ترسيم الحدود البحرية، يبدو أن هناك تسوية دائمة أقرب من أي وقت مضى، ويتوقع توقيعها قريباً». وذكرت أنه «في حين أن الولايات المتحدة ولبنان راضيان، فإن هناك عدة جهات في إسرائيل تعتقد بأنه ستكون هناك تنازلات مؤلمة، وتحديداً في تفاصيل الاتفاق». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول كبير في قطاع الغاز والطاقة، وصفه «اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تتبلور مع لبنان»، بأنها «استسلام كامل من جانب إسرائيل».
من جهتها، نقلت وكالة «سبوتنيك» عن مصدر رسمي لبناني تأكيده أن «لبنان وإسرائيل اقتربا من التوصل إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين». وأضاف: «نحن قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وتبلغنا بأن الجواب الذي سيحمله الوسيط الأميركي رداً على المقترح اللبناني إيجابي، وهو عائد قريباً إلى بيروت»، معتبراً أن «شهر أيلول سيشهد الحسم في ملف ترسيم الحدود».
لكن قناة «المنار» نقلت عن مصادر خاصة أن «ما يشاع عن إيجابية الآن يشبه ما أشيع عن مناخات سلبية قبل فترة، وهو كلام غير صحيح والكل ينتظر ما يحمله الوسيط الى الرؤساء الثلاثة».
وزيرة الطاقة تهدد
رسمياً، كان الكلام الأول لوزيرة الطاقة كارين إلهرار في مقابلة مع قناة «كان»، أول من أمس، قالت فيها إن «أول فرصة تستطيع فيها شركة إنيرجين استخراج الغاز من حقل كاريش ستفعل ذلك وليس لدينا أيّ مانع في هذا الأمر»، مضيفةً رداً على سؤال عما إذا كان ذلك سيجري رغم تهديدات حزب الله: «إسرائيل ستستخرج من حقل كاريش عندما تكون شركة إنيرجين جاهزة لاستخراج الغاز، ليس لدينا أيّ مانع في هذا الأمر». وأضافت إن «حقل كاريش لا يقع في منطقة الخلاف، فهو تماماً داخل إسرائيل». وعن تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قالت إن التهديدات تعني أنه «يجب وقف الاستخراج من حقل تمار وحقل ليفيتان أيضاً. لكن إسرائيل دولة سيادية، لديها أصول استراتيجية ونحن ندافع عنها بكل صورة وبكل طريقة. أما المفاوضات فهي حول المنطقة المختلف عليها وليست (بخصوص منطقة) ضمن دولة إسرائيل. وحقل كاريش لم يكن ولن يكون ضمن المنطقة المختلف عليها، هناك منطقة مختلفة عليها محددة جداً ونحن نعمل على الحل».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن حكومة العدو «أرسلت تحذيراً للبنان ولحزب الله، لكن جرى التشديد على أنها لا تريد تصعيداً». وكان لافتاً في التقرير نفسه الإشارة الى أن «إسرائيل وحزب الله غير معنيين بمواجهة عسكرية، كلٌّ لأسبابه الداخلية. في النهاية، إسرائيل يمكنها تأجيل موعد استخراج الغاز الطبيعي من حقل كاريش البحري لعدة أشهر، حتى بعد انتخابات الكنيست والدفع نحو خفض التوتر».
ونقلت وسائل الإعلام نفسها عن مصادر أوروبية أن الولايات المتحدة «تريد أن تتوصل إسرائيل ولبنان إلى اتفاق بعد الانتخابات الرئاسية في لبنان. الوضع في لبنان حساس، لبنان لديه حكومة انتقالية، ومن المفترض إجراء الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول، لبنان لا يمكنه تحمّل أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل».
لكن ذلك لم يمنع إعلام العدو من نقل كلام عن مسؤولين أمنيين وعسكريين فيه أن إسرائيل «تأخذ على محمل الجد التهديدات المتكررة من حزب الله، وأن الجيش الإسرائيلي مستعد في الشمال لحماية منشأة غاز كاريش بكل الوسائل، وأيضاً لاحتمال معركة لعدة أيام إذا هاجم حزب الله منشآت غاز إسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط».
وذكرت القناة 12 العبرية أنه «خشية قيام حزب الله بتنفيذ هجوم قبل توقيع اتفاق حول الحدود البحرية مع لبنان، فإنّ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تبقي حالة التأهب مستمرة».