الغلاء يجتاح كل الدول تقريبا والخدمات الصحية في تراجع كبير جدا حتى في الغرب والخصخصة تجتاح مجالات جديدة كالتربية والتعليم والأمن، من اجل وضع نظام تربوي وتعليمي جديد طويل الامد يستمر نحو نصف قرن تقريبا وبالتالي حبس عقول الناس اكثر فأكثر في أفكار ستبقيهم عبيداً للنظام الذين يعيشون فيه من دون امكانية التطور والتقدم في الحياة مثلما يريدها الفرد.
توازياً، التضخم (Inflation) يرتفع بشكل جنوني في أنحاء العالم، وتحديداً في الولايات المتحدة حيث قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول، أن البنك سيعمل على الحيلولة دون أن تصبح معدلات التضخم في الولايات المتحدة “مترسخة”. وشدد على أهمية السيطرة على التضخم “.
التضخم يودي الى تقلص في رواتب الموظفين وتبخرها بسرعة هائلة وهذا ما نشهده في لبنان وأميركا ودول آسيوية، حيث أنه في حال تقرّر زيادة الرواتب ما يجعل زيادة اكبر على الاسعار، أي تضخم مفرط (hyperinflation) بسبب طبع أوراق نقدية اضافية من العملة الوطنية وبالتالي لا يستفيد الموظف من الزيادة على الراتب مهما كانت وتستمر اسعار السلع في الارتفاع الى ما لا نهاية، ونعود للنقطة الصفر وهذا ما يُسمّى الدوران في حلقة مفرغة (Vicious Circle).
الى ذلك، اسعار الشقق اصبحت جنونية حيث انه و في كثير من البلدان، المشتري عقارا للمرة الاولى لم يعد موجودا لان اصحاب الدخل المحدود لم يعودوا قادرين على الحصول على قروض تسمح لهم بشراء عقارات بسبب تدني الرواتب وارتفاع اسعار العقارات. والاسوأ انه في لبنان الذي يعيش انهياراً في نظامه، خصوصا المصرفي والمالي، لا يمكن للمرء اخذ قرض وتقسيطه أو دفع بأي طريقة اخرى، ما يضع فئة الشباب قي موقف صعب جدا في حال لم يكن لديه مساعدة عائلية أو خارجية تسمح له بايجاد سقف فوق رأسه يعطيه الضوء الاخضر للانطلاق في حياته بمفرده أو مع شريكة حياته، إما يؤجّل أو يلغي كل مشاريعه أو يهاجر إذا كان مجبراً.
هذه التطورات تجعل الافراد اكثر انعزالا وانبطاحا وينعكس سلبا على شخصيتهم ونفسيتهم وبالتالي تعاطيهم مع غيرهم والناس حولهم من دون استثناء، من اصدقاء وافراد العائلة، ما يؤثر سلبا على مستقبل هذه العلاقات، اضافة الى كورونا وما سبّبه من ضغط كبير على المجتمعات مترافقا مع الاجراءات القاسية على الشعوب من الاغلاقات (lockdowns) ومراقبة خطوات الناس (حتى نفَسِهم)، ما ادى الى جنونهم.
انهيار اقتصادات دول العالم من الشرق الاوسط، أوروبا، أميركا وآسيا مع هبوط العملة امام الدولار يؤدي الى احباط ويأس شعوب وإرهاقها. وعندما تكون شعوب القارات بكاملها بحالة تعاسة وعجز عن تأمين قوت يومه لليوم نفسه، فكيف باليوم التالي؟ وعندما نجد شعوب عاجزة عن تأمين مواد غذائية للعائلة.
في غضون ذلك، تتخلى الدول، حتى العظمى منها، عن مسؤولياتها الاجتماعية تباعا، ما يحتم السؤال: ماذا ستفعل الاجيال المقبلة بعدما اصبح تأمين مجرد العيش البسيط بالنسبة لها صعبا جدا؟ واين يذهب العالم؟