كان لأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله توجّه مغاير في مقاربة مفهوم المقاومة وسلاحها وقرار الحرب خارج إطار الدولة، فأعاد في ذكرى أربعينية الإمام الحسين تفعيل تهديداته “الصاروخية” في ملف الترسيم البحري، قائلاً: “نحن نواكب المفاوضات وعيننا وصواريخنا على كاريش”. غير أنّ أوساطاً مراقبة لم ترَ في هذا التهديد “أي مستجد أو مؤشر من شأنه تغليب كفة المواجهة العسكرية على المسار الديبلوماسي في عملية الترسيم”، معتبرةً أنّ “استخدام لغة التهديد بات من المشهديات الملازمة لمسار المفاوضات لزوم الحرب الإعلامية والنفسية للدفع باتجاه استعجال الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية”، خصوصاً وأنّ المصادر رأت أنّ نصرالله “سلّم في خطابه بسقوط مهلته” التي كان حددها لإنهاء مفاوضات الترسيم والتوقيع على الاتفاق النهائي والاستحصال على تعهدات وضمانات بالبدء بالتنقيب في الحقول اللبنانية قبل نهاية أيلول الجاري، فعاد ليشدد أمس الأول على أنّ “الوقت ما زال متاحاً جداً أمام المفاوضات طالما بقيت مستمرة وطالما لم يبدأ الاستخراج من حقل كاريش”، وهذا بحد ذاته مؤشر واضح، بحسب المصادر إلى “إعادة تموضع “حزب الله” وإخراج نفسه من أسر السقوف الزمنية بانتظار ما ستفضي إليه الوساطة الأميركية، بحيث أصبحت معادلته اليوم أكثر مرونة، بعدما كان السيد نصرالله في إطلالاته السابقة يحذر من أن لجوء الإسرائيلي إلى خطوة إرجاء الاستخراج من كاريش لن يغيّر ولن يبدّل شيئاً في مهلة أيلول التي وضعها كحد أقصى للتوصل إلى اتفاق الترسيم”.
وعلى الجبهة الإسرائيلية، تتوالى كذلك التهديدات المضادة بأن يواجه لبنان “رداً قاسياً” في حال شنّ “حزب الله” أي هجوم عسكري على إسرائيل، باعتبار أنّ “تهديدات الحزب ستعود بالضرر أولًا على الشعب اللبناني واقتصاد لبنان واستقراره”، في وقت أعلن الجيش الإسرائيلي أن رئيس أركانه أفيف كوخافي سيناقش خلال زيارته باريس “تهديد إيران ووكلائها في الشرق الأوسط، وتسليح “حزب الله” والتحديات الأمنية على الحدود اللبنانية”، مشيراً في بيان إلى أن كوخافي “سيعقد اجتماعاً مع رئيس الأركان الفرنسي الجنرال تييري بوركار واجتماعات عمل مهنية مع كبار المسؤولين في الجيش الفرنسي ومع المستشار العسكري للرئيس الفرنسي الأدميرال جان بيير رولان”، على أن يتصدّر البحث في مقاربة الشأن اللبناني “ملف ترسيم الحدود وآخر التطورات في حقل كاريش” بحسب ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية.
تزامناً، أكدت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى السفيرة باربرا ليف في إيجاز صحافيّ عبر الهاتف إثر جولة لها في المنطقة قادتها إلى تونس وإسرائيل والضفة الغربية والأردن والعراق أنّ “هوّة الاختلافات تتقلّص والأمور تسير على ما يرام حتى الآن” في موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وأضافت: “نحن نشهد تقدّمًا في المناقشات ويظهر الجانبان مشاركة جيدة وبنّاءة، وأنا أتحدّث مع مبعوثنا الخاص آموس هوكستين بشكل منتظم، وهو ملتزم جدًّا بحلّ هذه المسألة إذا كان الجانبان يرغبان في ذلك”.
أما في ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي اللبناني، فاكتفت بالسؤال: “ما الذي يقوم به اللبنانيون لضمان إجراء الانتخابات؟ هذه مسألة تخصّ اللبنانيين وينبغي أن يتحمل الشعب اللبناني مسؤولية ضمان انتخاب رئيس بشكل مناسب”، واستدركت: “لا شكّ في أنني سألتقي زملاء سعوديين وفرنسيين في نيويورك الأسبوع المقبل وسنواصل النقاش الذي نجريه منذ البداية (حول لبنان)، وسنشجّع القادة السياسيين اللبنانيين ونضغط عليهم لأداء واجبهم”.
المصدر: “نداء الوطن”