جاء في “نداء الوطن”:
بالتزامن مع وصول الرئيس الأميركي إلى تل أبيب مؤكداً الإبقاء على خيار “استخدام القوة” مع إيران على الطاولة، وتأكيدات السفيرة الأميركية في بيروت أنّ لبنان بات على مشارف “جني ثمار أعماق البحار” عبر المفاوضات الجارية لترسيم حدوده مع إسرائيل… أطلّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساءً مدججاً بكامل قواه العسكرية لتأكيد الجهوزية والعزم على “قلب الطاولة على الجميع في المنطقة والعالم” ما لم يقم الأميركيون والإٍسرائيليون بأخذ تهديدات “الحزب” على محمل الجدّ في ملف الترسيم، محذراً من أنّ “رسالة المسيّرات” لم تكن سوى “بداية متواضعة… والمعادلة الجديدة لن تتوقف عند حقل كاريش بل ستتعداه إلى ما بعد بعد كاريش”.
وبقدر حرصه على إيصال “رسائل التهديد” بالفم الملآن إلى أميركا وإسرائيل تشديداً على كونه لا يمارس “حرباً نفسية” بل هو عازم جدياً على خوض غمار حرب فعلية “لفرض شروطنا”، حرص نصرالله في الوقت عينه على تحضير اللبنانيين “نفسياً” لقرب احتمال اندلاع حرب طاحنة جديدة مع إسرائيل خلال ما تبقى من تموز الجاري وآب المقبل، على اعتبار أنّ الموت أشرف لهم في الحرب من الموت جوعاً أو عبر الاقتتال أمام محطات البنزين والأفران… فجاءت على هذا النسق رسائله “فجّة وواقعية” إلى الداخل اللبناني على كافة المستويات الرسمية والسياسية والأمنية والشعبية، ليتوجه إلى “الشعب اللبناني” بالقول: “وصلنا إلى آخر الخط”، وإلى كافة القوى اللبنانية بأنه لا ولن ينتظر “إجماعاً لبنانياً” حول أي خطوة سيقدم عليها “حزب الله” عسكرياً في المرحلة المقبلة كما كان دأبه في كل المراحل السابقة.
وبهذه المعاني الحازمة والجازمة يكون “خيار الحرب” بات يتقدم على سائر خيارات “حزب الله” لعدم ترك الأمور تذهب “إلى ما هو أسوأ بكثير من الحرب إذا منكمل هيك في لبنان”، في إِشارة إلى تدحرج كرة الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي وصولاً إلى “قتل الناس بعضها البعض” من شدة الجوع والفقر والعوز، وضع نصرالله في المقابل هامشاً زمنياً ضيقاً أمام كل من يعنيهم الأمر لتفادي الذهاب إلى الحرب، سواءً في الدولة اللبنانية، أو في الإدارتين الأميركية والإسرائيلية، بحيث نبّه إلى أنّ هناك “مسألتين” يجب حلهما قبل حلول شهر أيلول، أولاً ترسيم الحدود البحرية بشكل نهائي وثانياً “إعطاء الإذن” لشركة توتال وغيرها من الشركات للبدء بعمليات التنقيب واستخراج النفط والغاز من الحقول اللبنانية… وإلا فإنّ “خياراتنا وقدراتنا ستكون متنوعة في البحر والجو والبر وكل شيء يخدم القضية سنقدم عليه بالحجم المناسب والشكل المناسب والوقت المناسب”.
وعلى هذا الأساس، لفت الأمين العام لـ”حزب الله” إلى أنّ “رسالة المسيّرات” أتت ضمن سياق “متدرج من الخطوات التي سنقدم عليها”، وقال رداً على قول البعض إن ذلك يناقض ما سبق أن أعلنه “الحزب” عن الوقوف خلف الدولة في ملف الترسيم: “الشباب فاهمين الموضوع غلط… نحن لم نقل أبداً إننا خلف الدولة في الضغط على العدو بل على العكس نحن قلنا إننا لن نقف مكتوفي الأيدي ولم نلتزم ولا سنلتزم مع أحد خلاف ذلك بل من حقنا القيام بأي خطوة نراها مناسبة وليكن هذا واضحاً ومعلوماً لما هو آت”. كما خاطب المسؤولين اللبنانيين بحزم حين دعاهم إلى عدم السماح للأميركيين بـ”خداعهم” وأردف مستطرداً: “أنا نقزت كتير حين سمعت أحد المسؤولين يقول إنّ اتفاق الترسيم سيحصل في أيلول… إيه تخبز بالأفراح”، وأضاف: “لبنان يملك قوة وحيدة للحصول على حقه في النفط والغاز وهي المقاومة والفرصة الذهبية لذلك متاحة “هلّق” أي خلال تموز وآب ولا أعني القدرة على التنقيب والاستخراج خلال شهرين بل القدرة على تعطيل وعرقلة إنتاج وتصدير النفط والغاز (من الحقول الإسرائيلية) إلى أوروبا، أما إذا انقضت هذه المدة من دون أن يحصل لبنان على حقوقه فإنّ الوضع سيكون صعباً جداً والكلفة ستكون علينا أعلى… وفهمكم كفاية”.