تزامنت زيارة الرئيس الاسرائيلي الى موسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين لثلاث ساعات مع ضربات اسرائيلية على نقاط عدة في محيط دمشق، ما يؤشر الى أن إسرائيل تستغل الحرب الروسية على أوكرانيا لتعميق علاقاتها مع موسكو من اجل منح حرية إضافية لضرباتها في سوريا.
الدولة العبرية لا تتصرف كوسيط بين الاطراف المتحاربة إنما كمحرك للاحداث دائما والمستفيد الاول منها على الصعيد الداخلي والعالمي، والدليل هو اقتراح السفير الاوكراني في إسرائيل عقد المحادثات بين روسيا وأوكرانيا في القدس، فضلا عن سفر بينيت نهار السبت والأحد الى موسكو وهو أيام العيد اليهودي، حيث يحتفل الاسرائيلي به في بلدهم.
بينيت اتصل بالرئيس الاوكراني وبوتين ثم سافر الى روسيا ثم المانيا وعاد من بعدها الى اسرائيل، ونفذت تل ابيب ضرباتها على اهداف في العاصمة السورية بعد أخذ مباكرة بوتين ان اسرائيل لن تعترض بعد الآن على العملية الروسية التي ستستمر لفترة طويلة نوعا ما، خصوصا أنّ الرئيس الروسي مٌصمّم على تحقيق كل اهدافها بالسلم او الحرب والغرب يمّد اوكرانيا بأطنان اضافية من الاسلحة الفتاكة بينها طائرات حربية. هذان العاملان يؤديان الى تعقيد الامور اكثر بكثير ومفاقمة معاناة المدنيين وتوسّع رقعة الحرب الميدانية.
التسريبات الصحافية عن التفتيش عن بديل للرئيس الاوكراني إذا قُتل والطلب منه مغادرة البلاد، هي تحضير لقرب الدخول الروسي واقتحام قلب العاصمة كييف بعدما اصبح على مشارفها وضوايحها، خصوصا ان بوتين “ناوي عل شرّ” ويريد احتلال كل البلد ولما لا السيطرة على غيرها كبولندا او جورجيا او الاثنين معا.
ويمكن ملاحظة أيضا أن الهجوم الكلامي الغربي تجاه بوتين خفّت لهجته خصوصاً من البريطاني بعد التوصل الى نوع من الهدنة الانسانية عبر فتح ممرات في معظم المدن لإخراج المدنيين وبالتالي دخول القوات الروسية الى المدن من دون إراقة الدماء، بطلب من ماكرون.
المصادر الديبلوماسية تؤكّد ان “العقوبات الاوروبية لن تشمل مجال الطاقة الروسي لسبب وحيد هو ان اوروبا ستتضرّر أكثر بمرات من روسيا عند قطع الغاز الروسي عن أوروبا كليا او حتى جزئيا، غير ان الأميركي يدفع نحو هذا الاتجاه بقوة وحققه بدعم قوي من البريطاني متمسكين انهم باستطاعتم تأمين البديل”.
آخر التقارير تفيد أن الأميركي يسعى للتوصل الى اتفاق مع فنزويلا والتوصل الى الاتفاق النهائي مع إيران لاستبدال النفط الروسي بالايراني والفنزويلي الذي سيُغذي أوروبا لتفادي انقطاع الغاز عنها، فهل ذهب الأميركي نحو أعدائه لمجاراة أجندته، وهل ستوافق طهران وكراكاس على معاقبة روسيا بهذه الطريقة؟
لذلك، يمكن اعتبار ان بوتين يربح في مكان ما ويبتز القارة العجوز بملف الغاز، خصوصا ان الاخيرة تستهلك الغاز الآن أكثر بمرتين عن ما كانت عليه قبل الهجوم الروسي، وتحديداً ألمانيا (المتضرر الاكبر) والشركة الروسية “غازبروم” تستمر في الضخ من دون توقف، فهل يسحب الأميركي هذه الورقة من روسيا؟
وهذا ما عبرا عنه وزيرا الخارجية والمال الألمانيان رفضهما لفرض حظر على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا في إطار عقوبات جديدة.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أمس الأحد، لقناة “ايه آر دي”: “يجب أن نكون قادرين على الاستمرار في فرض العقوبات بمرور الوقت”. وأضافت أن فرض العقوبات سيكون غير مجد إذا اكتشفنا في غضون 3 أسابيع أنه لم يتبق لدينا سوى أيام قليلة من التغذية بالكهرباء في ألمانيا وبأنه سيتعين علينا الرجوع عن هذه العقوبات”.
واضافت: “مستعدون لدفع ثمن اقتصادي باهظ جدا”، لكن: “إذا انطفأت الأنوار غدا في ألمانيا أو في أوروبا، فهذا لن يوقف الدبابات”.
فهل تتجرأ على فرض عقوبات على الغاز الروسي وتأمين بديل سريعاً مثلما تفعل الولايات المتحدة من خلال زيارة وفد أميركي الى فنزويلا لتأمين النفط؟ أو يمسك بوتين أوروبا هذه الورقة جيدا؟ وهل يطلق الأميركي النار على رجليه عبر اتخاذ هذه الخطوة التي ستضر أوروبا أكثر بمرات من روسيا التي تزوه القارة العجوز به؟
الرئيس الروسي خطّط لكل هذه السيناريوهات مسبقاً، حيث أنه بدّل نظام الدفع للمواطنين بعدما سحبت “Mastercard” و”Visa” أعمتلها في روسيا، فطبّق فورا نظام “UnionPay” الصيني لتسهيل امور مواطنيه الذي أصبح لديهم سقف معين لتحويل من أموالهم للخارج المقدرة بخمسة آلاف دولار ومن المتوقع ان تتضائل الكمية لاحقا.