لا داعي لانتظار انتهاء العام لتوقع مآال الاحداث في العام التالي، فشهر كانون الاول الحالي يعطي عينة صغيرة عن ما سيحصل العام المقبل، حيث قفز سعر الدولار الى حدود الثلاثين ألفا (30) ويستمر في الصعود والتوقعات بأن يبلغ مستويات قياسية (40-50 وربما 100 الف) حتى نهاية العام المقبل توازياً مع الاضرابات المعلنة.
تتدهور الاوضاع اللبنانية بشكل لا يمكن للمواطن اللحاق بها او استيعابها، حيث تنهار كل المنظومة ويُدمر الهيكل على رؤوس الجميع من دون رحمة ويترك ورائه الاضرار الجانبية التي تصيب الاكثر ضعفاً.
الاوضاع المنهارة على كل الصعد لا تصيب لبنان فقط، إنما بلدان الشرق الاوسط مثل تركيا وسوريا ومصر وغيرها، لكنها تصيب لبنان بمعيار أكبر بكثير نتيجة للحسابات السياسية والجيوسياسية فيه. لذلك، يجب إعادة التذكير أن أسعار الغاز في أوروبا ارتفعت أمس فوق مستوى 1200 دولار لكل ألف متر مكعب من الغاز، وتجاوزت الأسعار هذا المستوى للمرة الأولى منذ سبعة أسابيع، ما يؤدي الى أزمة معيشية وحياتية للمواطنين، فضلاً عن ارتفاع اسعار النفط عالميا وبالتالي ارتفاع أسعار المحروقات التي تدير قطاع النقل البري والجوي والمائي عالميا ويدير المصانع ودورة الحياة الخ.
الاحداث التي تدور حولنا تعكس قرار تدمير أسس النظم الاقتصادية في كل الدول من اجل اعادة صياغة وإعمار النظم الجديدة سياسياً واقتصادياً ونقدياً واجتماعياً وبالتالي كُلّما ساءَت الامور كُلّما تسارع مسار الاحداث حول الانفراج في السنوات المقبلة، لكن يجب التشديد على ان تدهور الأوضاع أكثر هو مفتاح الحل ولا يوجد أي طريقة أخرى للوصول الى هذا المبتغى، أي تنفيذ الحلول.
لذلك، المؤشرات تؤكد ان السنة المقبلة ستكون أسوأ بمرات من الحالية على كل الصعد، خصوصا على المستوى المعيشي للمواطنين المتروكين لمصيرهم، وفق ما قال المقرر الخاص للامم المتحدة المعني بالفقر وحقوق الانسان.
ففي حين كان يفترض بلبنان أن ينأى بنفسه عن المشكلات الاقليمية القائمة وصراع المحاور الجاري بدءا من القوتين الاميركية والروسية والاسرائيلية وما يستتبعهما من دول أميركية وأوروبية وحتى أسيوية نرى أنه ينغمس ضمن هذا النزاع ويجرّ على نفسه المزيد من المآسي حتى وصل الامر نتيجة الحاقه بايران الى مقاطعته عربياً واميركيا واصبح اشبه بجزيرة معزولة عن العالم أبناؤها يتأكلهم الخوف من الغد وما قد يستجره من مصائب.
وفي الوقت نفسه، المآسي التي ستحصل هدفها خنق الشعب وتلقينه درساً لن ينساه خصوصا بسبب سكوته عن الذي يحصل وكأنه أمرا طبيعيا والاهم تأليبه على “حزب الله”.
أما الانفجار الاجتماعي، فعلى خلاف ما يعتقد الكثيرين فهو بدأ والغليان في أوجّه غير ان شكله لا يزال “ديبلوماسيا” ويتجه نحو العنف رويدا رويدا، أي ان أكثرية الشعب اللبناني التي أصبحت ضمن الطبقة الفقيرة والتي تشكل 75% من الشعب، تعمل في مؤسسات القطاع العام المنهارة. بدأت الاضرابات المفتوحة تحتل كل المؤسسات العامة على كل انواعها بسبب الاوضاع التي لا تسمح بالمواطن بالعيش بسبب الراتب الذي يتقاضاه ولا يتعدى بعضة ايام.
موجة اضرابات وتحركات في طريقها الى الشارع مثل مستخدمي الصندوق الوطني للضمان تزامنا مع اضراب المعلمين في المدارس والمهنيات الرسمية وقطاع الاتصالات والتعليم والتمريضي ووو… ما يؤدي الى وقف دورة الحياة كلياً.