ماذا يمكن اًن يُقال عندما يتظاهر مرضى السرطان ويعتصموا من أجل الحصول على دوائهم؟
ماذا يمكن ان يُقال عندما يوقف عامل نظافة سيارة على الطريق للمطالبة بالماء خلال عمله تحت الشمس الحارقة ولعدم امتلاكه المال، فيما تجبر الشركة موظفيها على العمل بالزيّ الرسمي الشبه شتوي من دون مراعاة الظروف المناخية؟
ماذا يمكن أن يُقال عندما تصبح هيبة محطات المحروقات والصيدليات أقوى من دولة تحلّلت كلياً؟
ماذا يمكن ان يُقال عندما تذهب للصراف الآلي لسحب بعض المال وتجده غير شغّال لعدم توفّر الكهرباء بسبب نفاد المازوت، فتكون النتيجة أن لا مال؟
ماذا يمكن أن يُقال عندما تذهب للبنك من اجل استبدال دولارات بأخرى، تُعتبر أبسط عملية يمكن القيام بها، ويرتبك الموظف ويرتجف ويعتذر مراراً لأنّه عاجز عن القيام بذلك؟
ماذا يمكن القول عندما تذهب للصيدلي الذي لا علاقة له بوجود أي دواء من عدمه وتجده لا يفعل شئ سوى إنكار وجود الادوية؟
ماذا يمكن ان يقال عندما تذهب الى اي متجر ومكان وتجده من دون إضاءة مع الأشخاص داخله؟ او عندما تُقرّر مصالح صغرى وكبرى كالمطاعم والمتاجر والمولات وغيرها الإقفال لعدم توفّر المازوت؟
ماذا يمكن أن يُقال عندما تذهب لركن سيارتك في موقف السيارات تحت الأرض التابع لاحدى المجمعات السياحية وتجده واقع في ظلام دامس سيستمر لساعات وموظّفوه متسلّحون بإضاءة كهربائية ولا يمكنك أصلاً ركن السيارة لعدم إمكانية إيجاد موقف لتعذّر الرؤية؟
هل يمكن التخيل أن الناس تذهب عند بيوت بعضها للاستفادة من الكهرباء وبعضها ينتقل من فندق لآخر عندما تتوقف الخدمات في إحدى الفنادق؟
ماذا يمكن القول عندما تذهب لشراء ربطة خبز كبيرة الحجم بخمسة آلاف مرشح سعرها للارتفاع، فماذا يبقى للفقير أن يأكل؟
ماذا يمكن القول عندما تكون كل المواد الأساسية موجودة لكن لا يمكن ايجادها لأنّها اصبحت محتكَرة وتجدها سريعا في “الاماكن السوداء”؟
ماذا يمكن القول عندما تعلم أن الطوابير ستستمر فترات طويلة حتى لو رُفع الدعم كلياً؟
ماذا يمكن القول عندما نبلغ مرحلة لا يمكن فيها للاهالي أخذ اولادهم للمدرسة لعدم توفر البنزين؟ وعدم مواصلة العام الدراسي على الرغم من عدم جدوى المدارس الرسمية والخاصة التي لا تعلم اي امر عن الحياة للتلاميذ؟
ماذا يمكن القول عندما نرى كيف بدأت الفيدراليات في موضوع المحروقات عبر بيعها لأبناء المنطقة فقط دون غيرهم؟
ماذا يمكن القول عندما تتدخل ايران مباشرة بأزمة المحروقات وتُهدّد بالدفاع عن لبنان في حال اعتراض سفينتها؟ وماذا عن التداعيات السياسية والأمنية والاجتماعية على البلد الذي لا يسلم من جرة أميركا وإيران!
ماذا يمكن القول عندما نرى ان شرارة الحرب الاهلية ظهرت في بعض المناطق بسبب البنزين مثل مغدوشة وعنقون؟
ماذا يمكن ان يقال عندما ننظر الى الدولة التي سايرت السياسيين الذين دمروا البلد، أي “الأم الحنون” فرنسا، وهي تمنح فرص العمل للشعب اللبناني على اراضيها بدلا من حلّ مشاكل البلد واصلاح البنية التحتية لكي يبقى الشعب؟
ماذا يمكن القول عندما لا يمكن للشخص الذهاب الى المستشفى للعلاج عبر الضمان أو شركات التأمين الخاصة؟
ماذا يمكن القول عندما نبدأ نفقد الاتصال ببعضنا بسبب فقدان الارسال لعدم توفّر المازوت؟ وفقدان الانترنت بأنواعه من الجيل الثالث والرابع و”WIFI”، حيث ينزل المواطن متنقلاً في الشوارع تحت منزله بحثاً عن الارسال والانترنت؟
ماذا يمكن القول عندما تبدأ موجات الهجرة الجماعية Exodus من لبنان ويهاجر كل من بناه ورفع من جودته؟ هل يمكن لومهم؟
ماذا يمكن القول عندما يكون الأمر الواقعي الذي يجب الاعتراف به ان لا أمل أبداً في أي مستقبل في البلد لخمس سنوات مقبلة؟ وماذا يمكن القول عندما تريد البقاء في لبنان في ظلّ هذه الظروف المجنونة التي لا تسمح بالبقاء، فترى نفسك تائهاً؟
ماذا يمكن القول عندما ندرك أن لا حكومة حتى ما بعد نهاية عهد عون؟ وهل يمكن التصديق ان انتخابات (نيابية ورئاسية) ستجري في ظل هذه الاجواء المشحونة جدّاً التي تتدهور يومياً؟ في آخر سلّم أولويات المواطن الذهاب لصناديق الاقتراع..
واللائحة تطول وتطول… ضمن سياسة الأرض المحروقة بحد ذاتها التي تعتمدها الدول الخارجية للضغط على لبنان والأسوأ أن الحصار ليس خارجي فقط بل داخلي عبر الادوات المحلية، ما يجعل الأمور أسوأ بعشرات المرات.