السياسات الدولية والاقليمية لا تكترث بالشعوب، فحتّى لو كان كل الشعب ضد المنظومة السياسية، ستحارب هذه السياسات الدولة والشعب بكامله.
الشعب هو الضحية الوحيد في كل الصراعات ولا احد غيره وهذا ما شهدناه في كل الحروب والفتن حول العالم خلال العقود الماضية.
في لبنان، تتصارع أقوى الدول على أرضه وتضعه كأولوية أحياناً فتحتدم المواجهة وتُسفَك الدماء، وتضعه أحياناً أخرى في آخر سلّم الاولويات فتهدأ الجبهة لكن يأخذ الصراع أشكالاً أخرى.
مثلاً ولاختصار الامور، أصبحنا في لبنان نسمع عبارات جديدة وثقيلة تعكس مدى جدية وخطورة الوضع الذي نعيشه، مثل “الجيش الايراني السادس” مقره في بيروت، أي “حزب الله” وهي عبارة صحيحة وتحجيم الحزب ولبنان الإيراني ولاستعادة القرار السيادي اللبناني، اضافة الى عدم ممانعة حزب الله في قطع العلاقات مع الدول الخليجية وتحدّيها وتغيير دور البلد تماماً وتحميله أكثر في ظل الانهيار التام الذي يعيشه.
في السياق، أعيد الحديث في الاروقة الاميركية عن طرح كل الخيارات على الطاولة بخصوص التعامل مع ايران بعدما كانت ديبلوماسية فقط، واصبح مسار الاحداث يتجه نحو التصعيد العسكري.
وفي كواليس المفاوضات السعودية الايرانية، طالب السعودي من الايراني التدخل لدى حزب الله لوقف تدخله في اليمن فرد الايراني ان على السعودي التوجه مباشرة لمسقط رأسه، بيروت، والتكلّم مع الحزب، ما يؤشر الى فشل المفاوضات، فوجهت الرياض ضربتها إلى لبنان بعدما تم تسريب مقابلة قرداحي الذي كان كبش محرقة.
انه الصراع الكبير والقاسي بين اسرائيل التي تقود المعركة، الأميركيين والخليج من جهة والايرانيين من جهة أخرى، والأهم من كل ذلك هو ان التطبيع السعودي-الاسرائيلي اقترب اكثر من اي وقت مدى حيث ستنقلب المعادلات بعنف وتنقلب الطاولة في المنطقة بتوازناتها، وهذا ما حذر منه حزب الله لانه يتوقعه وبالتالي صعّد في وجه السعودية في البلد.
الى ذلك، يبقى الامر الوحيد الاكيد ان التصعيد في المواقف سيستمر لفترة طويلة والحصار على لبنان سيشتد من كل القوى المؤثرة على الساحة اللبنانية، لحين انفجاره عسكريا واقتصاديا وهي مسألة وقت حتى تُرسَم المعادلات الجديدة وحدودها الجغرافية بالدماء.