كتبت “المركزية”:
ببطء لكن بلا عوائق اساسية حتى الساعة، يسير قطار المفاوضات النووية في فيينا. صحيح ان كل المعطيات التي راجت في الايام الماضية عن اتفاق وشيك سيبصر النور خلال ايام لا اكثر، لم تكن دقيقة بل مُبالغا فيها، الا ان الجهود والاتصالات مستمرة لعدم حرق “طبخة الاتفاق” والوصول في نهاية جولة المحادثات الجديدة، الى تحقيق خرق “نووي” ايجابي، ولو بعد حين.
مطلع الاسبوع، وخلال مؤتمر صحافي في سانتاندر الإسبانية، قال جوزيب بوريل، كبير المسؤولين عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إنه جرى الترتيب لعقد “اجتماع في فيينا في أواخر الأسبوع الماضي لكن لم يتسنَّ ذلك. ومن المحتمل أن يُعقد هذا الأسبوع”. وأكّد بوريل أن المفاوضات ذهبت إلى أبعد مدى ممكن وباتت “عند نقطة انعطاف”. وقال “جاء الردّ الإيراني معقولا في تقديري لتقديمه إلى الولايات المتحدة”. وكشف بوريل أن الولايات المتحدة لم تقدّم بعد ردّها الرسمي، قائلا “نحن بانتظار ردّها الذي آمل أن يسمح لنا بإكمال المفاوضات. وهذا ما آمله لكن ليس في مقدوري أن أؤكّده لكم”.
حديث المسؤول الاوروبي الذي تولّى وفريقه تنسيق النصّ “النهائي” للاتفاق الجديد، يدل، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية” على ان المناخات ليست سلبية بل على العكس، الا ان المفاوضات لا تزال تحتاج مزيدا من الوقت. لماذا؟
لأن مواقف طرفي الاتفاق الاساسيين، واشنطن وطهران، لا تزال رمادية، وهي توحي بأنهما يريدان الاتفاق “ولكن”. ففي الساعات الماضية، أفاد مسؤول أميركي في تصريح لوكالة “رويترز”، بأنّ “إيران تخلت عن بعض الشروط الرئيسية، لإحياء الاتفاق النووي، بما في ذلك إصرارها على إغلاق المفتشين الدوليين بعض التحقيقات في برنامجها النووي”، مما يقرب احتمالية التوصل إلى اتفاق. ولفت إلى أنّ “الفجوات ما زالت قائمة بين طهران وواشنطن، وليس واضحا ما إذا كنا سنتوصل لاتفاق”، مشيرًا إلى “اننا نعتقد أنهم تحركوا نحو احتمال العودة إلى الصفقة بشروط يمكن أن يقبلها الرئيس الأميركي جو بايدن”، معتبرًا أنه “إذا كنا أقرب اليوم للاتفاق، فذلك لأن إيران قد تحركت. لقد تنازلوا عن القضايا التي كانوا يحتفظون بها منذ البداية”.
اما ايران التي تخلّت عن مطلب رفع العقوبات الاميركية عن الحرس الثوري، فأعلنت اليوم ان “طهران لن تسمح بعمليات تفتيش تتجاوز ما هو منصوص عليه في الاتفاق النووي المبرم عام 2015”. وأذاعت وسائل إعلام رسمية مقطعا مصورا لرئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي يقول فيه “نحن ملتزمون بعمليات التفتيش ضمن إطار الاتفاق النووي المرتبطة بالقيود النووية التي قبلناها في الماضي ، لا كلمة واحدة أكثر ولا كلمة واحدة أقل”. كما ان ايران اتهمت واشنطن بالمماطلة في الرد على المقترحات الايرانية. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن الوضع الحالي في المفاوضات. وأضاف أن بلاده لم تحصل حتى الآن على الرد الأميركي، مشيرا إلى أن رد طهران على المقترح الأوروبي كان في وقته وبشكل جدي.
انطلاقا من كل ما تقدم، وفي عود على بدء، تشير المصادر الى ان العالم يبدو متجها نحو اتفاق نووي جديد، غير ان شد الحبال بين الطرفين المعنيين به، مستمر، بما ان ايران تبحث عن تخريجة تخفف من ظهورها بمظهر المهزوم والمتراجِع عن أهم شروطه!