بعد عامين من تكريس الانشقاق داخل الحزب السوري القومي الاجتماعي وتفاقم الخلاف إثر انتخاب ربيع بنات رئيساً للحزب وعدم اعتراف النائب السابق أسعد حردان بالنتائج، ليُصبح للحزب فرعان، «نزلت» الخلافات للمرّة الأولى إلى الأرض لتتحول مواجهات ميدانيّة كادت تتطوّر إلى صدام مسلّح بينهما. في ليلةٍ واحدة، تحوّلت المعركة السياسية إلى «معارك احتلال» مضادّة لمكاتب حزبيّة، مع دخول مجموعة من «فرع الروشة» إلى مكاتب جريدة «البناء» ليل أول من أمس.
اقتحام «البناء» الذي حرّك الرأي العام باعتباره تعدياً على منبرٍ إعلامي ويمسّ مباشرةً بحريّة الإعلام، جاء رداً على ما حصل مساء أول من أمس. انتظر حردان عاماً بالتمام والكمال، ليكرر حادثة اقتحام مكتب البترون، إذ «استغّل قلّة الحراس في المكاتب ودخلت مجموعات مسلّحة وملثّمة محسوبة عليه إلى مقرات تابعة للحزب في ضهور الشوير وبولونيا وبيت شباب». قياديون في «فرع الروشة» ذكّروا بـ«أننا في كل مرة نسكت على الضيْم ونكتفي بتوجيه التحذيرات لحردان بألا يُعيد الكرة لأننا لا نريد أن نلعب لعبة الدماء التي يتقنها». ولكن هذه المرّة، قرّر «قوميو الروشة» الرد على «اعتداءات حردان» ونفّذوا «احتلالاً» مضاداً لمكاتب جريدة «البناء»، التي أصدرت بياناً قالت فيه إنّ «عصابة مسلحة اعتدت على مكاتب الصحيفة واقتحمتها بالكسر والخلع». فيما استنكر وزير الإعلام ونقابة الصحافة ونقابة المحررين «الحادثة المؤسفة ووضعوها بتصرف الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة»، بحسب بيان نقابة الصحافة الذي صدر إثر اتصال من رئيس تحرير «البناء» ناصر قنديل. فيما أصدر عمدة الاذاعة في فرع الروشة بياناً ليل أمس أكد فيه أن «المكاتب المشار إليها، هي مكتب حزبي سبق للنائب السابق أسعد حردان أن استولى عليه عشية خسارته في الانتخابات الداخلية في 13 أيلول 2020، متخذاً منه مركزاً لإدارة المجموعة التي يرأسها، وأدار منه معركته الانتخابية في أيار 2022، وتشغل جريدة البناء اسمياً جزءاً من المكتب، وهي تصدر من خارجه».
قوميو «فرع الروشة» يؤكّدون «أنّنا لم ندخل بواسطة الكسر والخلع ولا ملثمين وهناك من سهّل هذه العمليّة من الداخل»، مع التأكيد أنّهم لم «يحتلّوا» مكاتب «البناء» بدليل أنّ الجريدة صدرت. ويؤكّد عميد الإعلام في الحزب فراس الشوفي «أننا لن ننجر إلى لعبة الدماء».
عميد الإعلام في «فرع الحمرا» معن حميّة يؤكد، من جهته، «أننا لم نقم بأي اقتحام لمكاتب البلدات المتنية، بل قام مسؤولوها بفتحها لجميع القوميين وبالتالي لم يعودوا تابعين لفرع الروشة ولم ينضموا لنا، بل اتخذوا مكاناً مستقلاً عمّا يجري»، لافتاً إلى أنّ هذا الاتهام «إعلامي لتبرير فعلة شائنة يُحاسب عليها القانون باقتحام مسلّح لمنبر إعلامي يمثل صوت المقاومة في وجه العدو الإسرائيلي». وشدّد حميّة على أننا «لم نقم بدخول المكاتب كي لا ننجر إلى الصدام، بل توجّهنا إلى القضاء لإنصافنا، ولكن مماطلته قد تنتج أجواء مشحونة لا نريدها»، منتقداً «تقاعس القوى الأمنية التي تفرّجت على قيام المجموعة المسلحة بتخريب المكاتب ونهب محتوياتها». ورأى أنه «إذا كان هناك نزاع على ملكيّة الجريدة فليلجأوا إلى القضاء ومن دون الاعتداء على منبرٍ إعلامي، وإذا كان هناك نزاع حزبي فنحن الانتظام القانوني وهم خارجه».
في المقابل، يحاول قنديل تحييد «البناء» عن الخلافات الحزبية الداخليّة، إذ يُشدّد على أن «الجريدة هي منبر قومي تدافع عن قضايا الأُمة ولا يجب أن يتم إدخالها في الصراع الداخلي»، ويضيف: «لا أعرف من اقتحم مكاتب الجريدة. بالنسبة لي هؤلاء ميليشيات لأنّ لا مجموعة حزبية أعلنت مسؤوليتها». وطالب القوميين باللجوء إلى القضاء لاسترجاع الامتياز وليس اقتحامها.
المصدر: الاخبار