كريم حسامي
تسوء الأوضاع في لبنان يوماً بعد يوم وتخرج عن السيطرة على كُلّ الأصعدة فيما ينتظرنا مستقبل قاتم قريب وبعيد المدى.
ما يشهده البلد عبارة عن انهيار اقتصادي مريع في مراحله الأولى المتقدمة تتعدّد أسبابه بين فساد ونهب الطبقة السياسية والمصرفية (أدوات للدول الخارجية) لعقود وتعاونها مع ميليشيا تحكم البلد (أيضاً أداة للخارج) تحت حجّة الدفاع عنه، توازياً مع رغبة قوى خارجية بالتخلّص منها بشتّى الطرق مهما كانت النتائج ضمن النزاع الأميركي-الإيراني.
الأمر الذي ينبثق من هذه السياسات المتشابكة والمترابطة هو انهيار البلد بكامل مقوماته وتدمير وسائل الحياة للشعب غير ان المفارقة هي أن هذا الأخير هو الذي أوصل الساسة إلى السلطة خلال السنوات الماضية، لذلك هو مشارك مباشرة بالجريمة التي ترتكب بحقه ويتحمّل مسؤوليتها.
الوضع الذي نعيشه لم يكن نتيجة الحراك (الثورة) الذي حاول التغيير في الأمور لكنّه لم يستطع، بل على خلفية قوّة السلطة الحديدية في البلد المدعومة خارجياً. غير أنّ التغيير الوحيد والأهم الذي حققه الحراك هو التوقيع على نهاية صلاحية السياسيين، وإزالتهم ستكون بلغتهم المفضلة، أيّ إراقة الدماء يرافقه انعقاد مؤتمر دولي بعدما تم تدويل الوضع اللبناني منذ قيام البلد. والخياران سيتكاملان لتحقيق هدف إطاحة هذه المنظومة تبعاً للمشهد الميداني والسياسي المحلي-الاقليمي-الدولي الذي يدفع الشعب ثمنه غالياً.
أما العنصران المهمان في أي دولة وهما الشباب والجيش، فيُعانيان كثيراً فيما هم عاجزون عن التغيير، فالأول واقف أمام خيارين: إمّا انتظار تطور الأحوال والتحوّل لشهود على انهيار دولتهم والصمود قدر الإمكان أو الرحيل، والثاني يدّق ناقوس الخطر من تفكّك آخر عامود يحفظ البلد، أيّ الجيش.
انتظار الأوضاع في الأشهر المقبلة سيكون بمثابة بركان يفور بقوة خصوصاً بحلول الصيف حيث ستكون الصورة أسوأ بعشرات المرات من التنازع على علبة حليب أو “غالون” زيت بعد رفع الدعم كلياً عن المواد الأساسية في وقت يتم رفعه حزئياً الان، إلى جانب نفاد احتياطي البنك المركزي، وبالتالي هذه العوامل ستؤدي إلى تدهور سعر الصرف أكثر ليصل إلى حدود 20 ألف للدولار، ما يعني زيادة في الحوادث الأمنية واستخدام العنف.
إلى ذلك، لا مؤشرات أبداً على أنّ الدول ستُساعدنا للخروج من الانهيار حتى تحقيق غاياتها السياسية في المنطقة.
وعلى الرغم من وضوح أسباب التحركات الشعبية إلا أنّ مُحرّك بعضها يبقى هشّ خصوصاً عندما يصبح واضح للعيان كيف أنّ الأحزاب تفعل ذلك لإيصال رسائل لبعضها تحت غطاء انهيار الوضع الاقتصادي، وبالتالي تتدهور الاوضاع اكثر ويعاني المواطن مهما علا شأنه المالي.
هذه الايام والسنوات ستكون أقوى وأسوأ من أيّ حرب عسكرية نُخاض بالأسلحة والصواريخ، فهل سيكون النظام الجديد أفضل؟
مصدر: صوت كل لبنان