لا جديد يذكر على الصعيد الحكومي. جمود ثقيل يسيطر على هذه الضفة بعد سقوط مبادرة الرئيس نبيه بري وإن كان الاخير يصر على كونها لا تزال قائمة. حتى الهدوء الذي عاد منذ الامس، يسود الجبهاتِ السياسية وابرزها بعبدا – عين التينة وبعبدا – بيت الوسط، لا يبدو مبشّرا بالخير، بل دليل الى تهاوي كل شيء وبلوغ الامور الحائط المسدود.
بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن التعويل اليوم هو على تدخّل خارجي ما، لكسر هذا الستاتيكو القاتل الذي يترافق واوضاع معيشية صعبة آخذة في التردي ساعة بعد ساعة، على الصعد كافة.
وفي هذه الخانة، تصبّ زيارة المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، بيروتَ غدا. هذه المرة، لن يأتي الرجل الى لبنان للاستماع الى ما لدى المسؤولين اللبنانيين، ولا ليضيّع وقته في تبريراتهم وأعذارهم التي حفظها المجتمعُ الدولي عن ظهر قلب. بل يأتي الدبلوماسي حاملا “عصا” غليظة في يده. فإما يخرج اهل المنظومة من صراعاتهم ومناكفاتهم، خلال ايام معدودة، او فإن العقوبات الاوروبية جاهزة وسيتم الاتفاق عليها والمباشرة في تطبيقها، بعد اجتماع مسؤولي الاتحاد نهاية الاسبوع في بروكسل… هذه هي الرسالة التي سينقلها بوريل الى مضيفيه، مباشَرة مقتضبة صريحة وواضحة.
على اي حال، باشرت فرنسا سياسة العقاب منذ اسابيع، وقد كشف البرلماني الفرنسي غويندال رويار في حديث تلفزيوني يبث الاثنين، أن “فرنسا بدأت بمعاقبة شخصيات لبنانية بسبب العرقلة السياسية وبسبب الفساد”، مشيرا الى ان هذا العمل يجري حاليا حيث بدأ تنفيذ بعض العقوبات وتتم مناقشة الامر في بروكسل، وتوجه للبنانيين بالقول “سياسة العقوبات هذه تقوم بها فرنسا وبروكسل من اجل مكافحة الفساد وهي رسالة لمنح الثقة للقضاة الذين يكافحون ضد الفساد”…
لكن في مقابل هذه الاندفاعة، تكشف المصادر عن اتصالات اطلقتها مصر منذ ايام، على خط باريس- بروكسل، لاقناع الفرنسيين والاوروبيين بضرورة “دوزنة” عقوباتهم وتصويب بوصلتها جيدا. فهي لا يمكن ان تكون عشوائية وشاملة، تصيب “الصالح” والمتعاون حكوميا، تماما كما “الطالح” والمعرقل وفارِض الشروط. فوضع الجميع في سلّة واحدة، لن يجدي نفعا، والتعاطي معهم بمساواة، سيزيدان الواقع “التشكيلي” تلبّدا وتعقيدا. فهل تأخذ “القارة العجوز” هذه النصيحة في الاعتبار؟