ليس أسهل على بعض الاعلام من فبركة أخبار وجمع معلومات وتركيبها في اطار بازل يخدم مصالح واهداف هي ابعد ما يكون عن الوطنية الخالصة والحس بالمسؤولية تجاه حامي البلاد والموكلة اليه اسمى المهام وأشرفها على الاطلاق. منذ مدة غير بعيدة، يوضع الجيش اعلاميا في عين العاصفة ويُحَمل مسؤولية كل شاردة وواردة وسقطة او هفوة تحصل في البلاد، اكانت من اختصاصه ام من اختصاص غيره من الاجهزة الامنية المأخوذ عليها تقصيرها فعلا لا قولا في اكثر من مجال من صلب اختصاصها، فيما تلتزم المؤسسة العسكرية صمتا مطبقا ترفعه شعارا من منطلق ان الوقت للعمل وليس للكلام، لا سيما في مرحلة كالتي تمر بها البلاد، وهي على حافة الارتطام المدّوي والعين والامل الشعبي عليها حبل نجاة اخير.
هذا يتهمها بتغطية المهربين وذاك بغض الطرف عن ممارسات حزب الله وذلك بمواجهة الثوار وقمعهم بالقوة وذنك بالتقصير في ضبط تهريب المخدرات، فيما المدركون لمهام الجيش يعلمون ان وظيفته الاساس في كل دول العالم مقتصرة على حماية حدود الوطن والسهر على عدم خرقها لا اكثر. علما ان عناصر المؤسسة العسكرية يؤازرون سائر القوى الامنية حينما تدعو الحاجة في كل المناطق، لكن لا يجوز ان يقوموا بالمهام المنوطة بها. واذا كان الجيش وقائده يؤثرون عدم دخول ميدان المعركة الاعلامية حفاظا على الهيبة وحرصا على عدم تضييع الوقت المخصص للعمل، فإن الواجب الاخلاقي والوطني يقتضيان على الجسم الاعلامي الاسهام في مسار دعم الجيش اقله معنويا لا “تركيب افلام” سترتد سلبا على مفبركيها قبل اي شخص آخر، إن تأذت المؤسسة العسكرية بسهامها.
المؤسسة التي يؤكد القيمون عليها انها على رغم المعاناة التي يقبع عناصرها تحتها في ظل الازمات التي تعصف بالبلاد وتصيبهم في الصميم على اكثر من مستوى، تبقى عصية على الكسر او الانهيار، جبارة صامدة ، تزداد عزما على مواجهة الاعاصير، تملك من مقومات الصمود ما يمكّنها من تجاوز المرحلة الى حين استعادة البلاد عافيتها. وهي ولئن التزمت الصمت في مواجهة الحملات المستعرة ضدها فإنها تركز على تخزين طاقاتها للحقبة الصعبة المرجح ان البلاد مقبلة عليها في وقت غير بعيد على الارجح، ملتزمة ثوابتها واتمام الدور المنوط بها على اكمل وجه.
من الضعف، يستمد الجيش وقيادته قوة .يستنبط الحلول ويوظف كل ما امكن في سبيل تأمين مستلزمات الحد الادنى لعناصره. وفي هذا السياق، تندرج تحركات قائده في كل الاتجاهات لابعاد شبح الانهيار عن المؤسسة، من الداخل حيث ابتكر فكرة تسيير رحلات على متن طوافة من طراز “رايفن” من قاعدتي عمشيت ورياق بعنوان “لبنان.. من فوق”، اعتبارا من يوم غد مقابل بدل مادي قيمته 150 دولاراً تدفع نقداً، بما يشجع السياحة اللبنانية بطريقة جديدة، ويدعم القوات الجوية، وخارجياً عبر حشد دعم دولي لمساعدة الجيش. وقد نجح اخيرا في عقد المؤتمر الدولي في باريس بمشاركة نحو 20 بلدا وتم تقديم مساعدات عاجلة استنادا الى حاجات محددة جدا رفعتها القيادة كالمواد الغذائية من حليب وطحين وغيرهما وأدوية إضافة الى قطع غيار لصيانة العتاد ووقود.
في ظل خسارة الليرة اكثر من 90 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، تدنى راتب الجندي الى ما يناهز 80 دولارا مقارنة مع نحو 800 دولار قبل بدء الأزمة منذ نحو عام ونصف العام، توازيا معاعتماد القيادة تقشفاً كبيراً في موازنتها وصولا الى حذف اللحوم من وجبات العسكريين، الامر الذي يضع المؤسسة والعناصر تحت ضغط هائل، يقابله مزيد من المهام والعمل لابقاء الامن الاجتماعي تحت السيطرة ومنع الانفجار، بيد ان الثقة الشعبية الكبيرة بالجيش ومعنويات عناصره وضباطه المرتفعة وايمانهم بالقضية والوطن كفيلة بكسب الرهان ومنع الاستسلام وشعارهم دائما وابدا “شرف تضحية وفاء”.